كتاب الرد على من ينكر حجية السنة

وَرَوَى ابْنُ عَبْدِ البَرِّ (*) عَنْ ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: سَمِعْتُ مَالِكًا، يُحَدِّثُ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - أَرَادَ أَنْ يَكْتُبَ هَذِهِ الأَحَادِيثَ، أَوْ كَتَبَهَا، ثُمَّ قَالَ: «لاَ كِتَابَ مَعَ كِتَابِ اللَّهِ». قَالَ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللهُ -: «لَمْ يَكُنْ مَعَ ابْنِ شِهَابٍ كِتَابٌ إِلاَّ كِتَابٌ فِيهِ نَسَبُ قَوْمِهِ. قَالَ: وَلَمْ يَكُنِ الْقَوْمُ يَكْتُبُونَ إِنَّمَا كَانُوا يَحْفَظُونَ، فَمَنْ كَتَبَ مِنْهُمُ الشَّيْءَ فَإِنَّمَا كَانَ يَكْتُبُهُ لِيَحْفَظَهُ. فَإِذَا حَفِظَهُ مَحَاهُ».

وَرَوَى عَنْ يَحْيَى بْنِ جَعْدَةَ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - أَرَادَ أَنْ يَكْتُبَ السُّنَّةَ، ثُمَّ بَدَا لَهُ أَنْ لاَ يَكْتُبَهَا، ثُمَّ كَتَبَ فِي الأَمْصَارِ: «مَنْ كَانَ عِنْدَهُ شَيْءٌ فَلْيَمْحُهُ».

وَرَوَى عَنْ جَابِرِ [عَنْ] عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيًّا يَخْطُبُ يَقُولُ: «أَعْزِمُ عَلَى كُلِّ مَنْ كَانَ عِنْدَهُ كِتَابٌ إِلاَّ رَجَعَ فَمَحَاهُ، فَإِنَّمَا هَلَكَ النَّاسُ حَيْثُ تَتَبَّعُوا أَحَادِيثَ عُلَمَائِهِمْ وَتَرَكُوا كِتَابَ رَبِّهِمْ».

وَرَوَى عَنْ أَبِي نَضْرَةَ أَنَّهُ قَالَ: قِيلَ لأَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيَّ: لَوِ اكْتَتَبْتَنَا الْحَدِيثَ فَقَالَ: «لاَ نُكْتِبُكُمْ خُذُوا عَنَّا كَمَا أَخَذْنَا عَنْ نَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ».

وَرَوَى عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: «قُلْتُ لأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ: أَلاَ نَكْتُبُ مَا نَسْمَعُ مِنْكَ؟ قَالَ: «أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوهَا مَصَاحِفَ!، إِنَّ نَبِيَّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُحَدِّثُنَا فَنَحْفَظُ، فَاحْفَظُوا كَمَا كُنَّا نَحْفَظُ».

وَرَوَى عَنْهُ اَيْضًا أَنَّهُ قَالَ: قُلْتُ لأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -: إِنَّكَ تُحَدِّثُنَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثًا عَجِيبًا، وَإِنَّا نَخَافُ أَنْ نَزِيدَ فِيهِ أَوْ نَنْقُصَ. قَالَ: «أَرَدْتُمْ أَنْ تَجْعَلُوهُ قُرْآنًا؟، لاَ، وَلَكِنْ خُذُوا عَنَّا كَمَا أَخَذْنَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ».

وَرَوَى عَنْ أَبِي كَثِيرٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: «نَحْنُ لاَ نَكْتُبُ وَلاَ نُكْتِبُ».

وَرَوَى عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ قَالَ: «إِنَّا لاَ نَكْتُبُ الْعِلْمَ وَلاَ نُكْتِبُهُ».

وَرَوَى عَنْهُ اَيْضًا أَنَّهُ كَانَ يَنْهَى عَنْ كِتَابَةِ الْعِلْمِ، وَقَالَ: «إِنَّمَا [ضَلَّ] مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِالْكُتُبِ».
¬__________
[تَعْلِيقُ مُعِدِّ الكِتَابِ لِلْمَكْتَبَةِ الشَّامِلَةِ]:
(*) تصحيح الأخطاء ما بين [ ..... ] الواردة في كتاب " جامع بيان العلم وفضله " الذي نقل عنه المؤلف في هذه الصفحة وما بعدها، اعتمدت فيها على الكتاب المطبوع: " جامع بيان العلم وفضله " لابن عبد البر، تحقيق أبي الأشبال الزهيري، الطبعة الأولى: 1414 هـ - 1994 م، نشر دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع. الرياض - المملكة العربية السعودية، 1 مج، 1548 صفحة.

الصفحة 409