كتاب الرد على من ينكر حجية السنة

وَرَوَى عَنِ الْفُضَيْلِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّهُ قَالَ: " قُلْتُ لإِبْرَاهِيمَ: إِنِّي أَتَيْتُكَ وَقَدْ جَمَعْتُ الْمَسَائِلَ. فَإِذَا رَأَيْتُكَ كَأَنَّمَا تَخْتَلِسُ مِنِّي وَأَنْتَ تَكْرَهُ الْكِتَابَةَ. قَالَ: «لاَ عَلَيْكَ. فَإِنَّهُ قَلَّ مَا طَلَبَ إِنْسَانٌ عِلْمًا إِلاَّ آتَاهُ اللَّهُ مِنْهُ مَا يَكْفِيهِ، وَقَلَّ مَا كَتَبَ رَجُلٌ كِتَابًا إِلاَّ اتَّكَلَ عَلَيْهِ».

وَرَوَى عنْ إِسْحَاقُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الطَّالْقَانِيُّ قَالَ: قُلْتُ لِجَرِيرٍ يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ الْحَمِيدِ، «أَكَانَ مَنْصُورٌ (يَعْنِي ابْنَ الْمُعْتَمِرِ) يَكْرَهُ كِتَابَ الْحَدِيثِ؟»، قَالَ: «نَعَمْ، مَنْصُورٌ، وَمُغِيرَةُ، وَالأَعْمَشُ كَانُوا يَكْرَهُونَ كِتَابَ الْحَدِيثِ».
وَرَوَى عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ: «أَدْرَكْتُ النَّاسَ يَهَابُونَ الكُتُبَ حَتَّى كَانَ الآنَ حَدِيثًا. قَالَ: وَلَوْ كُنَّا نَكْتُبُ لَكَتَبْتُ مِنْ عِلْمِ سَعِيدٍ وَرِوَايَتِهِ شَيْئًا كَثِيرًا».

وَرَوَى عَنْ الأَوْزَاعِيَّ يَقُولُ: «كَانَ هَذَا الْعِلْمُ شَيْئًا شَرِيفًا إِذْ كَانَ مِنْ أَفْوَاهِ الرِّجَالِ يَتَلاَقَوْنَهُ وَيَتَذَاكَرُونَهُ، فَلَمَّا صَارَ فِي الْكُتُبِ ذَهَبَ نُورُهُ وَصَارَ إِلَى غَيْرِ أَهْلِهِ».
وروا هـ ابن الصلاح في " علوم الحديث " (¬1) مختصرًا بلفظ: «كَانَ هَذَا الْعِلْمُ كَرِيمًا يَتَلَقَّاهُ الرِّجَالُ بَيْنَهُمْ فَلَمَّا دَخَلَ فِي الكُتُبِ دَخَلَ فِيهِ غَيْرُ أَهْلِهِ».

...

الجَوَابُ:
قد اشتملت هذه الشبهة على عدة مسائل حاد فيها صاحبها عن سبيل الحق وتجنب طريق الصواب. فينبغي لنا أن نشرحها مسألة مسألة، ونبين ما في كل منها من خطأ وفساد رأي. حتى تنهار هذه الشبه من جميع نواحيها ويتضح لك بطلانها وتقتنع تمام الاقتناع بفسادها. فنقول:
¬__________
(¬1) ص 171.

الصفحة 412