كتاب الرد على من ينكر حجية السنة

عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ قَالَ: اكْتُبْ [بِنَا] مَا جَاءَ عَنْ أَصْحَابِهِ، فَقُلْتُ: لاَ، لَيْسَ بِسُنَّةٍ، وَقَالَ هُوَ: بَلْ هُوَ سُنَّةٌ، وَكَتَبَ وَلَمْ أَكْتُبْ، فَأَنْجَحَ وَضَيَّعْتُ».

وَرَوَى عَنْ خَالِدِ بْنِ نِزَارٍ قَالَ: «أَقَامَ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ كَاتِبَيْنِ يَكْتُبَانِ عَنِ الزُّهْرِيِّ، فَأَقَامَا سَنَةً يَكْتُبَانِ عَنْهُ».

وَرَوَى عَنْ مَعْمَرٌ قَالَ: [حَدَّثْتُ] يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ بِأَحَادِيثَ، فَقَالَ: «اكْتُبْ لِي حَدِيثَ كَذَا وَحَدِيثَ كَذَا»، فَقُلْتُ: أَمَا تَكْرَهُ أَنْ تَكْتُبَ الْعِلْمَ؟ فَقَالَ: «اكْتُبْ فَإِنَّكَ إِنْ لَمْ تَكُنْ كَتَبْتَ فَقَدْ ضَيَّعْتَ» أَوْ قَالَ: «عَجَزْتَ».

وَرَوَى عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ قَالَ: «الْكِتَابُ قَيْدُ الْعِلْمِ».

وَرَوَى عَنْ وَهْبٍ بْنِ جَرِيرٍ، أَنَّهُ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ بِحَدِيثٍ، ثُمَّ قَالَ: «هَذَا وَجَدْتُهُ مَكْتُوبًا عِنْدِي فِي الصَّحِيفَةِ».
قَالَ: وَسَمِعْتُ شَبَابَةَ يَقُولُ: سَمِعْتُ شُعْبَةَ يَقُولُ: «إِذَا رَأَيْتُمُونِي أَثُجُّ (¬1) الحَدِيثَ فَاعْلَمُوا أَنِّي تَحَفَّظْتُهُ مِنْ كِتَابٍ».

وَرَوَى عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى قَالَ: «يَجْلِسُ إِلَى العَالِمِ ثَلاَثَةٌ: رَجُلٌ يَأْخُذُ كُلَّ مَا [يَسْمَعُ] فَذَلِكَ حَاطِبُ لَيْلٍ، وَرَجُلٌ لاَ يَكْتُبُ وَيَسْمَعُ فَيُقَالُ لَهُ جَلِيسُ العَالِمِ، وَرَجُلٍ يَنْتَقِي وَهُوَ خَيْرُهُمْ»، وَقَالَ مَرَّةً أُخْرَى: «وَذَلِكَ الْعَالِمُ».

وَرَوَى عَنْ سُفْيَانُ، [قَالَ]: قَالَ بَعْضُ الأُمَرَاءِ لابْنِ شُبْرُمَةَ، مَا هَذِهِ الأَحَادِيثُ الَّتِي تُحَدِّثُنَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: «كِتَابٌ عِنْدَنَا».

وَرَوَى عَنْ حَاتِمٍ الْفَاخِرُ، [وَكَانَ ثِقَةً] قَالَ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ يَقُولُ: «إِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَكْتُبَ الحَدِيثَ عَلَى ثَلاَثَةِ أَوْجُهٍ، حَدِيثٌ أَكْتُبُهُ أُرِيدُ أَنْ أَتَّخِذَهُ دِينًا، وَحَدِيثُ رَجُلٍ أَكْتُبُهُ فَأُوقِفُهُ لاَ أَطْرَحُهُ وَلاَ أَدِينُ بِهِ، وَحَدِيثُ [رَجُلٍ] ضَعِيفٍ أُحِبُّ أَنْ أَعْرِفَهُ وَلاَ أَعْبَأَ بِهِ».
وَرَوَى عَنْ خَالِدٍ بْنَ خِدَاشٍ قَالَ: وَدَّعْتُ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ فَقُلْتُ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، أَوْصِنِي فَقَالَ: «عَلَيْكَ بِتَقْوَى اللَّهِ فِي السَّرِّ وَالْعَلاَنِيَةِ، وَالنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ، وَكِتَابَةِ الْعِلْمِ مِنْ عِنْدِ أَهْلِهِ».
¬__________
(¬1) أي أصب الكلام صبًا.

الصفحة 468