كتاب السياسة الشرعية في الشئون الدستورية والخارجية والمالية

في حدود الاعتدال مراعى فيه تحقيق المصالح غير متجاوز به حدود الدين وأصوله الكلية، وتارة يكون مراعى فيه الأغراض والمصالح الجزئية.
ثم زاد قصور الفقه الإسلامي عن مصالح الناس بإغلاق باب الاجتهاد واقتصار الفقهاء على حمل الناس أن يتبعوا ما استنبطه أئمتهم في عصورهم السالفة دون نظر إلى ما بين الأزمان والأحوال من تفاوت.
فاتسعت مسافة الخلف بين الفقه ومصالح الناس في كثير من الشئون، واتجه ولاة الأمر في الدولة الإسلامية إلى مسايرة الزمن ومراعاة المصالح بتشريع ما يحققها مما يتفق وأصول الدين وإن لم يوافق أقوال الفقهاء المتبوعين.
وعلى هذا النهج سارت وزارة الحقانية في مصر فيما عدلته من بعض أحكام الأحوال الشخصية: في الطلاق ودعوى النسب ونفقة المعتدة وسن الحضانة وموت المفقود. وأبانت في المذكرة الإيضاحية لهذا التعديل أن الوجهة هي جلب المصلحة أو رفع الضرر العام. وجاء في تلك المذكرة ما نصه:
"من الواجب حماية الشريعة المطهرة وحماية الناس من الخروج عليها وقد تكلفت بسعادة الناس دينًا وأخرى وأنها بأصولها تسع الأمم في جميع الأزمنة والأمكنة متى فهمت على حقيقتها وطبقت على بصيرة وهدى.

الصفحة 19