كتاب حماية الرسول صلى الله عليه وسلم حمى التوحيد

وقد بين ذلك عليه الصلاة والسلام أتم بيان وسار على هديه من بعده أصحابه رضي الله عنهم أجمعين، وأتباعهم بإحسان.
ومع هذا البيان الواضح في كلام الله تعالى وكلام رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى، وهما المنبع الأصيل لهذا الدين الحنيف، وما بذل رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا السبيل وما بذل أصحابه رضي الله عنهم مع ذلك كله، فقد خرجت عن هذا الصراط المستقيم فرق وطوائف نتيجة لتحكيم العقول القاصرة، والأفهام المختلفة وتقديمها على كلام الله تعالى وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم، وفهمت خلاف ما فهمه خير الأمة بعد نبيها صلى الله عليه وسلم، فمنهم من أنكر أسماء الله عز وجل وصفاته فشبهه بالعدم كالجهمية ومن سار في طريقهم، ومنهم من أثبت الأسماء وأنكر الصفات كالمعتزلة، ومنهم من أنكر بعض الصفات كالأشاعرة ومن وافقهم، وغيرها من الفرق التي انحرفت في الفهم عن الحق والصراط المستقيم، وخالفت سلف الأمة من الصحابة الذين رضي الله عنه ورضوا عنه، ومن تبعهم بإحسان، ورأوا أن هذا الفهم المنحرف، والفكر المعوج هو غاية التوحيد لله سبحانه الذي يجب على كل مسلم أن يعتقده، ومن خالفه لم يعرف التوحيد وقد أوقع نفسه في الشرك بالله تعالى، فكانوا كما قال الله تبارك وتعالى: {أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ} 1.
__________
1 الآية 8 من سورة فاطر.

الصفحة 387