كتاب ما وضح واستبان في فضائل شهر شعبان

قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ: إِنَّ «حَتَّى» هَاهُنَا عَلى بَابِهَا مِنَ الْغَايَةَ، أَيْ: لا يَمَلُّ لِثَوَابِهِمْ مَلَلا مُقَابَلَةً لِمَلَلِهِمْ، خَرَجَ الْكَلامُ مَخْرَجَ قَوْلِهِمْ: «حَتَّى يَشِيبَ الْغُرَابُ وَيَبْيَضُّ الْقَارُّ» وَهُوَ الزِّفْتُ، وَلا يَشِيبُ الْغُرَابُ أَبَدًا، وَلا يَبْيَضُّ الْقَارُّ، فَذَلِكَ عَلَى نَفْيِ الْقُصَّةِ لا عَلَى وُجُودِهَا، أَيْ: إِنَّ اللَّهَ لا يَمَلُّ وَلا يَلِيقُ بِهِ الْمَلَلُ إِنْ مَلِلْتُمْ أَنْتُمْ، وَهُوَ مِنَ الْمُقَابَلَةِ بَيْنَ الْكَلامَيْنِ، أَيْ: لا يَتْرُكُ ثَوَابَكُمْ حَتَّى تَمَلُّوا وَتَتْرُكُوا بِمَلَلِكُمْ عِبَادَتَهُ؛ فَسَمَّى تَرْكَهُ لِثَوَابِهِمْ مَلَلا، وَمِنْهُ قَوْلُهُ: تَعَالَى: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} [البقرة: 194] ؛

الصفحة 28