كتاب تاريخ معالم المدينة المنورة قديما وحديثا

17…استوت على الجودي نزلوا بطرف مدينة بابل العظيمة وكان عددهم ذاك ثمانين شخصاً بين ذكر وأنثى فسموا الموضع الذي نزلوا فيه سوق الثمانين وكان ذلك منهم تخليداً لعددهم هذا الذي هو أول أهل الأرض بعد فناء من كان فيها سابقاً بسبب الطوفان الذي لم يبق على وجه المعمورة أي مخلوق من نبات أو حيوان أو إنسان وظلوا يتناسلون زمناً طويلاً حتى كثروا وكثروا جداً فملكوا عليهم النمرود ابن كنعان بن حام بن نوح عليه السلام وكانت ألسنتهم قد افترقت إلى اثنين وسبعين لساناً بقدرة البارئ جل وعلا ومنها اللغة العربية، منهم عمليق وطسم ابنا لود بن سام بن نوح عليه السلام، فنزلت أبناء عبيل بيثرب التي هي المدينة المنورة ويثرب هذه سميت باسم أول من سكنها منهم وهو يثرب بن عبيل بن عوض بن أرم بن سام بن نوح عليه السلام، وكان يثرب هذا هو أكبر أبناء عبيل وولي عهده بعده في عمادة العائلة العبيلية، ولما كثرت فروع هذه العائلة العبيلية تحول بعضهم إلى الجحفة وهي بلدة صغيرة قبل رابغ بقليل وكان السبب بتسميتها بالجحفة أن سيلاً عظيماً نزل على من فيها فأجحفهم جداً فسميت الجحفة لأجل ذلك. وهذه الرواية مصدرها عبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنهما وهي أصح الروايات الخمس (1).
2 - ومنهم من يقول إن أول من سكن المدينة المنورة بعد الطوفان هو يثرب بن قانية بن مهلابيل بن أرم بن عبيل بن عوض بن أرم بن سام بن نوح عليه السلام.
3 - ومنهم من يقول إن أول من سكن المدينة المنورة بعد الطوفان قوم يقال لهم صعل وفالج ففسقوا وفجروا وطغوا وبغوا فأرسل الله تبارك وتعالى عليهم نبيه داود عليه السلام فغزاهم وأخذ منهم سبياً كبيراً، ثم سلط الله عليهم الدود في أعناقهم فهلكوا عن آخرهم ولم يبق منهم إلا سيدتهم العظيمة المسماة (الزهرة) والتي كانت تسكن في مدينتها المنسوبة إليها والمسماة باسمها وهي الزهرة…
__________
(1) لقد اورد هذه الرواية الإمام علي بن عبد الله السمهودي في كتابه خلاصة الوفاء بأخبار دار المصطفى وأسندها إلى الكلبي عن ابن عباس رضي الله عنهما كما أوردها الحافظ بن كثير في تفسير قوله تعالى (وقيل يا أرض ابلعي ماءك ويا سماء اقلعي وغيض الماء وقضى الأمر واستوت على الجودى وقيل بعدا للقوم الظالمين) سورة هود ـ رواها بأكثر من لفظ وطريق. (2) استنبط ذلك من قولها " جسد مصون ".

الصفحة 17