20…وصدق الله العظيم: (وَقالِ اليهودُ لَيسَتِ النصارى على شيء وَقالَتِ النصارى ليسَتِ اليهودُ على شيءٍ وهم يَتلوُنَ الكِتابَ) (1) فالعداوة متغلغلة في نفوس اليهود للنصارى وفي نفوس النصارى لليهود كما أنها متغلغلة في نفوس اليهود للمسلمين وفي نفوس المسلمين لليهود وصدق الله العظيم: (لَتَجِدَنَّ أَشَدَ النَّاسِ عَداوَةً للذينَ آمنوا اليهود) (2).وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما اجتمع يهودي قط بمسلم إلا حدث نفسه بقتله " (3)، ثم هربت اليهود بعد عملهم الشائن هذا إلى الحجاز فأقاموا فيه وسكن المدينة المنورة عدد كبير منهم وكان علماء اليهود يعلمون صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم من التوراة وفيها آية أنه سيظهر بمكة المكرمة ثم يهاجر إلى بلد فيه نخل بين حرتين، فأقبلوا من الشام يطلبون هذه الصفة حرصاً منهم على اتباعه فلما رأوا هذه الصفة الجليلة الواضحة في المدينة المنورة وكانت إذ ذاك تسمى بيثرب قالوا لبعضهم هذا هو البلد الذي نريده فنزلوه وكانوا أهله حتى أتاهم تبع وقسمت اليهود المدينة المنورة بينهم على النظام الآتي:
1 - قبيلة بني قريظة وإخوانهم بنو النضير نزلوا بالعالية التي نسميها الآن العوالي وهي قرية جميلة مشهورة فأخذوا ينشئون الأموال أي البساتين على واديين يقال لأحدهما مذينيب (4) ويقال للآخر مهزور فاختصت قبيلة بني قريظة بوادي مهزور واختصت قبيلة بني النضير بوادي مذينيب فحفروا الآبار الكبيرة الكثيرة الواسعة العظيمة وغرسوا الأشجار ونزلت عليهم بعض قبائل من العرب فكانوا معهم في أسوأ الأحوال وهذا ما يتوقع أن يكون مع يهود في كل مكان.…
__________
= فوجدوا صفاتها موافقة لما في التوراة من أنها مهاجر النبي المنتظر وعلى أي حال فقد تكون الأسباب كلها مجتمعة أدت إلى سكنة اليهود للمدينة فيكون بذلك جماعة هاجرت إليها بعد قصتهم مع ملك الروم المذكورة وجماعة أخرى هاجرت بسبب اضطهاد بختنصر لهم .. إلخ. (1) سورة البقرة آية (113). (2) سورة المائدة آية (82). (3) رواه ابن النجار عن أبي هريرة رضي الله عنه. (4) وادي مذينيب يتشعب إلى شعبتين تصب في النهاية في وادي بطحان، الشعبة الأولى تمر من ناحية المنزلق إلى بلاد حسين العزي في الشربيات غرب مخطط سمو الأمير سعود بن فهد والثاني يمر من المنزلق الواقع جنوب مركز جمعية طيبة الخيرية النسائية ماراً ببستان أم البقر ويصب في بطحان عند المنطقة المواجهة لمغسلة القين حالياً.