51…
(إنَّا فَتحنالَكَ فَتحَاً مُبينَاً لِيَغفرَ لكَ الله ماتَقَدَمَ من ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَ نِعمَتَهُ عَلَيكَ وَيَهديَكَ صِراطاً مُستَقيماً وًيَنصُرَكَ الله نَصراً عزيزاً) (1). (مُحَمَّدٌ رَّسُولُ الله والَّذينَ مَعَهُ أَشدَّاءُ عَلى الكُفارِ رُحَمَاءُ بينهُم تَراهم رُكَعاً سُجَدَّاُ يَبغُونَ فَضْلاً مِنَ الله وَرِضْواناً سِيماهُم في وُجُوهِهِم من أَثَرِ السُّجوُدِ ذلكَ مَثَلُهُم في التَّوراة وَمَثلُهُم في الإنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخرَجَ شَطئهُ فأزَرَهُ فاستَغلَظَ فَاستَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعجِبُ الزَّارِعَ لِيَغيظَ بِهِمُ الكُفَّارَ وَعَدَ اللهُ الَّذيِنَ ءامَنُوا وَعَمِلُوا الصالِحاتِ مِنهُم مَغفِرَةً وأَجراً عَظِيما) (2). لما وصل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة المنورة وكان وصوله عند الظهر ومعه صاحبه سيدنا أبو بكر الصديق رضي الله تعالى عنه نزل سيدنا الرسول صلوات الله وسلامه عليه على كلثوم بن الهدم بقباء.
وكان أول ماسمعه المسلمون منه صلوات الله وسلامه عليه قوله:" افشوا السلام وأطعموا الطعام وصلوا الأرحام وصلّوا بالليل والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام " (3).
وكان يقابل الزوار والوفود في بيت سعد بن خيثمة بجانب دار كلثوم بن الهدم وهما في قبلة المسجد الذي كان مربداً (4) لكلثوم بن الهدم فأخذه منه رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسسه وبناه مسجداً (5) وهو الذي أنزل الله فيه قوله تبارك…
__________
(1) سورة الفتح الآيات (1 - 3). (2) سورة الفتح آية (29). (3) رواه أحمد في مسنده كما رواه الترمذي وصححه من حديث عبدا الله بن سلام رضي الله عنه قال: لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة انجفل الناس إليه فجئت لأنظر إليه فلما تبينت وجهه علمت أن وجهه ليس بوجه كذاب فكان أول شيء سمعته يتكلم به أن قال: " ياأيها الناس أفشوا السلام وأطعموا الطعام وصلوا الأرحام وصلوا والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام ". (4) المربد الموضع الذي يبسط فيه التمر ليجف. (5) تعددت الروايات في أرض مسجد قباء لمن كانت فقيل إنها كانت لكلثوم بن الهدم وفي رواية أنه صلى الله عليه وسلم نزل في بني عمرو بن عوف بن سالم واتخذ مكان نزوله مسجداً ثم بناه بنو عمرو بن عوف بعد ذلك. وروى الطبراني عن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: " لما سأل أهل قباء النبي صلى الله عليه وسلم أن يبني لهم مسجداً قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليقم بعضكم فيركب الناقة، فقام أبو بكر رضي الله عنه فركبها فحركها فلم تنبعث فرجع فقعد، فقام عمر رضي الله عنه فركبها فحركها فلم تنبعث فرجع فقعد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: ليقم بعضكم فيركب الناقة.=