كتاب تاريخ معالم المدينة المنورة قديما وحديثا

52…
وتعالى: (لَّمَسجِدُ أُسِسَ عَلَى التَّقوى مِنْ أَوَلِ يَومٍ أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ فيهِ رِجالٌ يُحِبُونَ أَن يَتَطَهَّروا واللهُ يُحِبُّ المُطَّهرِينَ) (1).
وقد أضحى لهذا المسجد المبارك مكانته العظيمة في الإسلام فأول ما وصل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة المنورة نزل بظهر الحرة ثم عدل ذات اليمين بمن معه نحو قباء حتى نزل أعلى المدينة المنورة في حي يقال لهم بنو عمرو ابن عوف وهم أهل قباء وقال لمن حوله من أصحابه:" انطلقوا بنا إلى أهل قباء نسلم عليهم " فرحب به أهل قباء كل الترحيب، وقباء هذه معدودة من العالية، وكانت حكمته في ذلك صلوات الله وسلامه عليه هي التفاؤل له ولدينه بالعلو والرفعة ثم قال صلى الله عليه وسلم:" يا أهل قباء ائتوني بأحجار من الحرة فجمعت عنده أحجار كثيرة فأخذ في بناء أساس مسجد قباء وكان أول حجر وضع فيه هو حجره هو صلوات الله وسلامه عليه.
وروى الترمذي عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أنه قال:" الصلاة في مسجد قباء كعمرة ".
وجاء في الصحيحين:" أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يزور قباء راكباً تارة وماشياً تارة أخرى ": وقال فيه: " من صلى فيه كان كعدل عمرة ". وقال صلى الله عليه وسلم:" من تطهر في بيته ثم أتى مسجد قباء فصلى فيه صلاة كان له كأجر عمرة ".
وعن الإمام أحمد بن حنبل والحاكم والبخاري والنسائي:" أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأتي مسجد قباء كل سبت راكباً أو ماشياً ". وقال سعد بن أبي وقاص: (لأن أصلي في مسجد قباء ركعتين أحب إلي من أن آتي بيت المقدس مرتين، لو يعلمون ما في قباء لضربوا إليه أكباد الإبل).
ثم إن وصول رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة المنورة ونزوله في قباء وإنشاءه مسجدها العظيم كان هو السبب في نزول هذه الآية الشريفة:…
__________
= فقام علي رضي الله عنه فلما وضع رجله في غرز الركاب وثبت به فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أرخ زمامها وابنوا على مدارها فإنها مأمورة ". روى هذه الرواية صاحب وفاء الوفاء وكذا صاحب كتاب سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد. إحالة على الطبراني.
(1) سورة التوبة آية (108).

الصفحة 52