69…
عنهما، وكان عندها وفي منزلها وفي ليلتها " أضحك الله سنك يارسول الله " فقال لها عليه الصلاة والسلام:" لقد تيب على أبي لبابة " فلما علم الناس بتوبة أبي لبابة ساروا إليه ليطلقوه فقال لهم لا والله حتى يكون رسول الله هو الذي يطلقني بيده فلما مر عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو خارج من منزله لصلاة الصبح أطلقه بيده الكريمة وكان رضي الله عنه أقام ست ليال مرتبطاً بالجذع تأتيه امرأته في كل وقت صلاة فتحله للصلاة ثم يعود إلى الجذع فتربطه به. وكان السر في هذا الموقف العظيم الخطير هو أن اليهود (1) بعثوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن ابعث إلينا أبا لبابة بن عبد المنذر لنستشيره في أمرنا فأرسله رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم فلما رأوه قام إليه الرجال وجهش إليه النساء والصبيان يبكون في وجهه فرق لهم قلبه رضي الله عنه وقالوا له أبا لبابة أترى أن ننزل على حكم محمد قال لهم نعم وأشار بيده إلى حلقه أنه الذبح، قال أبو لبابة فوالله مازالت قدماي من مكانهما حتى عرفت أني قد خنت الله ورسوله ثم انطلق أبو لبابة على وجهه ولم يأت رسول الله حتى ارتبط في المسجد الشريف النبوي إلى عمود من عمده وقال لاأبرح من مكاني حتى يتوب الله علي مما صنعت، وعاهد الله رضي الله عنه أن لايطأ بعد يومه ذاك أرض بني قريظة أبداً وعزم على أن لايرى بعد يومه ذاك قط في مكان قد خان الله ورسوله فيه وأنزل الله تبارك وتعالى فيه قوله جلت قدرته: (يَأَيًّها الّذينَ آمَنُوا لاتَخُونوا اللهَ وَالرَّسُولَ وتَخُونوا أَماناتكُم وأنتُم تَعلمُون) (2). ولما بلغ رسول الله خبره وكان قد استبطأه قال:" أما إنه لو جاءني لاستغفرت له أما وقد فعل مافعل فما أنا بالذي أطلقه من مكانه حتى يتوب الله عليه ".
19 - مقر أهل الصفة: في عهده المبارك صلوات الله وسلامه عليه، نسميه الآن في عرفنا الحاضر " دكة الأغوات " وهذه الدكة الحالية ثلثاها من جهة القبلة وهي الجهة الجنوبية كان من العهد الشريف النبوي وثلثها من جهة الشمال من زيادة الوليد بن عبد الملك بن مروان الخليفة الأموي في زيادته للحرم الشريف النبوي على يد عامله على المدينة المنورة، سيدنا عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه وأهل…
__________
(1) هم يهود بني قريظة. (2) سورة الأنفال آية (27).