كتاب إصلاح غلط أبي عبيد في غريب الحديث

البَيّنة المكشوفة الممتنعة على حِيَل المعتزلة، عن أنْ يحتج عليهم بما يجدون به السبيل إلى الاستهزاء (¬1) والطعْن. وقد رأيْت أبا عبيد شبّه حديث حذيفة بهذه الآية، [وليست تشبهه (¬2)]. وليس يشبهها. وإنَّما تقع الحجّة على المعتزلة يقول حذيفة، إنَّ الله يصنع كلّ صنعة، ولا تقع بقول الله: {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ}. لأنَّه لم يُرِد: والله خلقكم وأعمالكم. وإنَّما أراد؛ والله خلقكم والأصنام التي تعملون. ألا تراه يقول: (¬3) {أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ} يعني الأصنام لا النَّحْت. ثم قال: (¬4) {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ}.
أراد: وتلك الأصنام. وليس هذا عندي (¬5) موضع ذِكْر أعمالهم، ولا فيها معنًى يزيد في توكّد الحجة عليهم. (6) وإنَّما تتوكّد عليهم (¬6)، ويقع التَّعجُّب منهم، بأنْ يعبدوا شيئًا هو مخلوق مثلهم.
ولو قال قائِلٌ: والله خَلَقَكُم وما تأكلون. لم يقع ذلك إلَّا على الطّعام والمأكول لا الأكل.
ولو قال: والله خلقكم وما تركبون، لم يقع إلَّا على الدَّوابِّ، لا على الرّكوب.
* * *
¬__________
(¬1) ظ: الإستهواء.
(¬2) زيادة من: ظ.
(¬3) الصافات، الآية 95.
(¬4) الصافات، الآية 96.
(¬5) سقطت من: ظ.
(¬6) سقطت من: ظ.

الصفحة 127