كتاب إصلاح غلط أبي عبيد في غريب الحديث

وقولُ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - في الغُلول: (¬1) "لأعرفنَّ أحدكمِ يحمل قَشْعًا من أَدَم فَيُنادي يا محمَّد، فأقول: لا أملك لك من الله -عزَّ وجلّ- (¬2) شيئًا قد بلَّغْتُ".
* * *
46 - قال أبو عبيد (¬3): وفي حديث أبي هريرة -رحمه الله-، إنَّه قال: يُوشِكُ أنْ يعمل (¬4) عليكم بُقْعَان أهل الشام".
قال أبو عبيد: أراد البياض؛ لأنَّ حدَمَ الشام رُومٌ وصَقَالِبة، فسمّاهم بُقْعاناً للبياض. ولهذا قيل للغُراب، أبقَع، إذا كان فيه بياض.
هذا قول أبي عبيد.
قال أبو محمد: لست أرى هذا التفسير بيّناً، وأحسِبُ أبا عبيد ذَهَب إلى أنَّ أبا هريرة أراد أنَّ العَبيد يُسْتَعملون عليكم، والبُقْعان هم الذين فيهم سواد وبياض. وكذلك الغراب الأبقع (¬5). ولا يقال لمن كان أبيض من غير سواد يُخالِطُهُ أبْقَعُ. فكيف يُجْعَل الصَّقالِبة والرُّوم بقعاناً؟ ، وهم بيضٌ خُلَّص. وأرى أنَّ أبا هريرة أراد أنَّ العرب تنكح الإِماء من الرُّوم والصَّقالبة (¬6)، ويُسْتَعْمل عليكم أولاد الإِماء (¬7)، وهم بين العرب السُّود وبين العَجَم البيض. ولم تكن العرب قبل هذا تنكح الرُّوم والصَّقالبة. إنَّما كان إماؤها (¬8) السُّودان.
¬__________
(¬1) النهاية 4/ 65.
(¬2) سقطت: من ظ.
(¬3) غريب الحديث 4/ 265، وينظر: الفائق 1/ 124، والنهاية 1/ 146.
(¬4) في الفائق والنهاية: أن يستعمل.
(¬5) ينظر: اللسان (ب/ ق/ بها والنهاية.
(¬6) منقول عنه في: النهاية.
(¬7) في الفائق: أي يستعمل عليكم خبثاء أهل الشام.
(¬8) في ظ: إماؤهم.

الصفحة 132