كتاب إصلاح غلط أبي عبيد في غريب الحديث
وسَمِعْتُ رجلًا من فُصَحاء العرب يقول (¬1): قنَّع الشَّيبُ مِذْرَوَيْه. يريد: جانبي رأسه، وهما فَوْداه. وإنَّما سُمّيا بذلك لأنَّهما يذريان، أي: يشيبان.
(¬2) والذراء: هو الشَّيْب. يقال ذَرِيَت لحيتُه. وهذا أصلُ الحرف. فاسْتُعير للمنكبين والإِلْيتين والطرفَيُن من كلّ شيء.
قال أميّة بن أبي عائذ (¬3) الهُذَلي، وذكر قوساً ينهض طرفاها:
على عَجْس هَتافة المِذْروَ يْـ ... ـن زَوْراء مُضْجعة في الشِّمال
ولم يُرد الحسن أنَّ هذا الذي وَصَفَه يُحرّك إلْيتَيْه، ولا من شأن من يَبْذخ (¬4) ويتيه على نَفْسه، ويقول. ها أنذا فاعرفوني، أبي يُحرّك إلْيَتيْه. وإنَّما أراد بقوله: ينفض مذرويه، بمعنى: يضرب عِطْفَيْه. وهذا ممّا يُوصَف به المَرِح المختال. وربّما قالوا: جاءنا ينفض مِذْرَوَيْه، إذا تهدَّر وتوعِّد. لأنَّه إذا تكلم وحرَّك رأسه نفَضَ قُرون فَوْدَيْه. وهما مِذْرواه (¬5).
¬__________
(¬1) النص في: اللسان (ذ/ ر/ 1)، 18/ 311.
(¬2) والذروة (بضم الذال المعجمة): الشيب أيضًا، ينظر: اللسان 18/ 312.
(¬3) ديوان الهذليين (شرح السكري)، ج 2/ 177.
(¬4) البذخ: التيه والكبر.
(¬5) المذروان، قال في الفائق 1/ 117؛ "وإنما لم يقل، مذريان كقولهم، مذريان في تثنية مذرى الطعام؛ لأن الكلمة مبنية على حرف التثنية. كما لم تقلب ياء النهاية، وواو الشقاوة، همزة لبنائهما على حرف التأنيث".
الصفحة 141
178