كتاب مختصر الفتاوى المصرية

وَثَبت عَنهُ اللَّهُمَّ اغْفِر لي ذَنبي كُله دقه وجله وعلانيته وسره وأوله وَآخره اللَّهُمَّ اغْفِر لي خطيئتي وجهلي واسرافي فِي آمري وَمَا أَنْت أعلم بِهِ مني اللَّهُمَّ اغْفِر لي هزلي وجدي وخطأي وعمدي وكل ذَلِك عِنْدِي اللَّهُمَّ اغْفِر لي مَا قدمت وَمَا أخرت وَمَا أسررت وَمَا أعلنت وَمَا أَنْت أعلم بِهِ مني أَنْت الْمِقْدَام وَأَنت الْمُؤخر لَا إِلَه إِلَّا أَنْت وَفِي الرُّكُوع وَالسُّجُود كَانَ يَقُول سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبنَا وَبِحَمْدِك اللَّهُمَّ اغْفِر لي يتَأَوَّل الْقُرْآن
وَقَالَ لَهُ ربه {فاصبر إِن وعد الله حق واستغفر لذنبك} وَقَالَ تَعَالَى {فَاعْلَم أَنه لَا إِلَه إِلَّا الله واستغفر لذنبك وَلِلْمُؤْمنِينَ وَالْمُؤْمِنَات} وَسورَة النَّصْر آخر مَا نزل بعد قَوْله {ليغفر لَك الله مَا تقدم من ذَنْبك وَمَا تَأَخّر} فَقَالَ لَهُ النَّاس هَذَا لَك فَمَا لنا قَالَ فَأنْزل الله تَعَالَى {هُوَ الَّذِي أنزل السكينَة فِي قُلُوب الْمُؤمنِينَ} الْآيَة
وَفِي هَذَا رد على الطَّائِفَة الَّذين يَقُولُونَ معنى ليغفر لَك مَا تقدم من ذَنْبك هُوَ ذَنْب آدم وَمَا تَأَخّر هُوَ ذَنْب أمته فَإِن هَذَا القَوْل وَإِن لم يقلهُ أحد من الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ وأئمة الْمُسلمين فقد قَالَه طَائِفَة من الْمُتَأَخِّرين وبظن بعض الْجُهَّال أَنه قَول شرِيف وَهُوَ كَذَّاب على الله وتخريف
فَإِنَّهُ قد ثَبت أَن النَّاس يَوْم الْقِيَامَة يأْتونَ آدم فيعتذر إِلَيْهِم وَيذكر خطيئته فَلَو كَانَ مَا تقدم هُوَ ذَنْب آدم لم يكن يعْتَذر وَقد قَالَ الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم هَذَا لَك فَمَا لنا فَلَو كَانَ مَا تَأَخّر مغْفرَة ذنوبهم لَكَانَ قَالَ هَذَا لكم
وَأَيْضًا فقد قَالَ الله لَهُ {واستغفر لذنبك وَلِلْمُؤْمنِينَ وَالْمُؤْمِنَات} فَكيف تُضَاف ذنُوب الْفُسَّاق إِلَيْهِ وَيجْعَل الزِّنَا وَالسَّرِقَة وَشرب الْخمر ذَنبا لَهُ {وَلَا تزر وَازِرَة وزر أُخْرَى} وَأي فرق بَين ذَنْب آدم ونوح وَإِبْرَاهِيم وَكلهمْ باؤه وَقد قَالَ تَعَالَى فِي غير مَوضِع فَإِن توَلّوا فَإِن مَا عَلَيْهِ مَا حمل وَعَلَيْكُم

الصفحة 104