كتاب مختصر الفتاوى المصرية

مَا حملتم وَإِن تطيعوه تهتدوا وَمَا على الرَّسُول إِلَّا الْبَلَاغ الْمُبين فَكيف يكون ذَنْب أمته لَهُ هَذَا لَا يخفى فَسَاده على من لَهُ أدنى تدبر وَإِن كَانَ قَالَه طَائِفَة من المصنفين فِي الْعِصْمَة حَتَّى ترى فِي كَلَام بعض من لَهُ قدم صدق من أهل السّنة لَكِن الغلو أوجب اتِّبَاع الْجُهَّال الضلال فَإِن أصل ذَلِك من المبتدعين الغالين وأولهم الرافضة فانهم لم ادعوا الْعِصْمَة فِي عَليّ وَغَيره حَتَّى من الْخَطَأ احتاجوا أَن يثبتوا ذَلِك للأنبياء بطرِيق الأولى وَلما نزهوا عليا رَضِي الله عَنهُ وَمن دونه أَن يكون لَهُ ذَنْب عصمَة أئمتهم الاسماعيلية القرامطة الباطنية الفلاسفة الدهرية وعبدوهم واعتقدوا فيهم الإلهية كَمَا كَانَت الغالية تعقد فِي عَليّ وَغَيره الإلهية أَو النُّبُوَّة وكما ألزموا الدعْوَة للمنتظر وَأَنه مَعْصُوم وَقَالُوا دخل فِي سرداب سامرا سنة سِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ وَهُوَ طِفْل غير مُمَيّز وَصَارَ مثل هَذَا يدعى حَتَّى ادّعى ابْن تومرت المغربي صَاحب المرشد أَنه المهدى صَار طَائِفَة من الغلاة فِي مشايخهم يَعْتَقِدُونَ لَهُم الْعِصْمَة بقلوبهم أَو يَقُولُونَ إِنَّه مَحْفُوظ وَالْمعْنَى وَاحِد وَلَو أقرّ بِلِسَانِهِ عاملة بالعصمة بِقَلْبِه
فَهَؤُلَاءِ إِذا اعتقدوا الْعِصْمَة فِي بعض الْعَوام كييف لَا يَعْتَقِدُونَ ذَلِك فِي الْأَنْبِيَاء
فَإِن كَانَ من الْمُسلمين من اعْتقد أَن الْأَنْبِيَاء أفضل من شَيْخه وإمامه وَهُوَ يعْتَقد عصمَة شَيْخه فَهُوَ يعْتَقد عصمتهم بطرِيق الأولى
وَإِن كَانَ من الزَّنَادِقَة الَّذين يَعْتَقِدُونَ أَن الشَّيْخ أفضل من النَّبِي كَمَا يَقُوله المتفلسفة والشيعة وغلاة الصُّوفِيَّة لاتحادية وَغَيرهم فَلَا بُد لهَؤُلَاء أَن يَفروا الغلو فِي الْأَنْبِيَاء حَتَّى يوافقهم النَّاس على الغلو فِي أئمتهم
وَهَذَا كُله من شعب النَّصْرَانِيَّة الَّذين قَالَ الله فيهم {قل يَا أهل الْكتاب لَا تغلوا فِي دينكُمْ} إِلَى قَوْله {إِنَّمَا الْمَسِيح عِيسَى ابْن مَرْيَم رَسُول الله}

الصفحة 105