كتاب مختصر الفتاوى المصرية

الْإِسْلَام وَإِن كَانُوا فِي أول الْأَمر كفَّارًا يعْبدُونَ الْأَصْنَام بل المتنقل من الضلال إِلَى الْهدى يُضَاعف لَهُ الثَّوَاب كَمَا قَالَ تَعَالَى {فَأُولَئِك يُبدل الله سيئاتهم حَسَنَات} فَالله سُبْحَانَهُ أفرج بتوبة عَبده من الَّذِي طلب رَاحِلَته فِي الأَرْض الْمهْلكَة ثمَّ وجدهَا
فَإِذا كَانَت التَّوْبَة بِهَذِهِ المثابة كَيفَ لَا يكون صَاحبهَا مُعظما
وَقد وصف الْإِنْسَان بالظلم وَالْجهل وَجعل الْفرق بَين الْمُؤمن وَالْكَافِر وَالْمُنَافِق أَن الْمُؤمن فيتوب الله علينا إِذا لم يكن لَهُ بُد من الْجَهْل فَقَالَ تَعَالَى {وَيَتُوب الله على الْمُؤمنِينَ وَالْمُؤْمِنَات} وَخير الْخَطَّائِينَ التوابون وكل بني آدم خطاءون
وَقد ذكر الله تَعَالَى الَّذين وعدهم بِالْحُسْنَى فَلم ينف عَنْهُم الذُّنُوب فَقَالَ تَعَالَى {وَالَّذِي جَاءَ بِالصّدقِ وَصدق بِهِ أُولَئِكَ هم المتقون} إِلَيّ قَوْله {ليكفر الله عَنْهُم أَسْوَأ الَّذِي عمِلُوا} فَذكر الْمَغْفِرَة والتكفير وَقَالَ تَعَالَى {أُولَئِكَ الَّذين نتقبل عَنْهُم أحسن مَا عمِلُوا ونتجاوز عَن سيئاتهم فِي أَصْحَاب الْجنَّة وعد الصدْق الَّذِي كَانُوا يوعدون} وَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام لن يدْخل أحد مِنْكُم الْجنَّة بِعَمَلِهِ قَالُوا وَلَا أَنْت قَالَ وَلَا أَنا إِلَّا أَن يتغمدني الله برحمة مِنْهُ وَفضل
وَاعْلَم أَن كثيرا من النَّاس يسْبق إِلَى ذهنه من ذكر الذُّنُوب الزِّنَا وَالسَّرِقَة وَنَحْو ذَلِك فيستعظم أَن كَرِيمًا يفعل ذَلِك وَلَا يعلم هَذَا الْمِسْكِين أَن اكثر عقلاء بني آدم لَا يسرقون بِلَا يزنون حَتَّى فِي جاهليتهم وكفرهم فَإِن أَبَا بكر وَغَيره قبل الْإِسْلَام مَا كَانُوا يرضون أَن يَفْعَلُوا مثل هَذِه الْأَعْمَال وَلما بَايع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هندا بنت عتبَة بن ربيعَة أم مُعَاوِيَة بيعَة النِّسَاء على أَن لَا يَسْرِقن وَلَا يَزْنِين قَالَت أَو تَزني الْحرَّة فَمَا كَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّة يعْرفُونَ الزِّنَا إِلَّا للاماء وَكَذَلِكَ اللواط فَأكْثر الْأُمَم لم تعرفه وَلم يكن يعرف فِي الْعَرَب قطّ
وَلَكِن الذُّنُوب تتنوع وَهِي كَثِيرَة الشّعب كَالَّتِي هِيَ من بَاب الضلال

الصفحة 108