كتاب مختصر الفتاوى المصرية

وَنَحْوه وَهَذَا ضلال مُبين بل جَمِيع هَذِه الْأُمُور فرض على الْأَعْيَان بِاتِّفَاق أهل الْإِيمَان
وقله {يَا عبَادي إِنَّكُم تخطئون باليل وَالنَّهَار وَأَنا أَغفر الذُّنُوب جَمِيعًا} فالمغفرة الْعَامَّة نَوْعَانِ
أَحدهمَا الْمَغْفِرَة لمن تَابَ وَهَذِه عَامَّة فِي جَمِيع الذُّنُوب على الصَّحِيح خلافًا لمن يسْتَثْنى بعض الذُّنُوب كتوبة الداعية إِلَى الْبدع لَا تقبل بَاطِنا وكتوبة الْقَاتِل وَنَحْوه لِأَن الله قد ذكر أَنه يَتُوب على أَئِمَّة الْكفْر الَّذِي هُوَ أعظم من الْبدع وَغَيرهم وَالتَّوْبَة الْعَامَّة كَمَا فِي قَوْله تعال ي {قل يَا عبَادي الَّذين أَسْرفُوا على أنفسهم لَا تقنطوا من رَحْمَة الله إِن الله يغْفر الذُّنُوب جَمِيعًا}
النَّوْع الثَّانِي من الْمَغْفِرَة الْعَامَّة الَّتِي دلّ عَلَيْهَا قَوْله {يَا عبَادي إِنَّكُم تخطئون بِاللَّيْلِ وَالنَّهَار وَأَنا أَغفر الذُّنُوب جَمِيعًا} الْمَغْفِرَة بِمَعْنى تَخْفيف الْعَذَاب أَو تَأْخِيره إِلَى أحل مُسَمّى وَهَذَا عَام مُطلقًا وَلِهَذَا شفع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي زبي طَالب مَعَ مَوته على الشّرك فَنقل من غنرة النَّار حَتَّى جعل فِي ضحضاح يغلى مِنْهَا رَأسه وَمِنْه قَوْله تَعَالَى {وَلَو يُؤَاخذ الله النَّاس بِمَا كسبوا مَا ترك على ظهرهَا من دَابَّة} {وَمَا أَصَابَكُم من مُصِيبَة فبمَا كسبت أَيْدِيكُم وَيَعْفُو عَن كثير}
وَأما قَوْله {إِنَّكُم لن تبلغوا ضرى فتضروني وَلنْ تبلغو نفعي فتنفعوني} فَإِنَّهُ بَين بذلك إِنَّه لَيْسَ هُوَ بمستعيض فِيمَا يحسن بِهِ إِلَيْهِم من إِجَابَة الدعْوَة وغفران الذُّنُوب بذلك جلب مَنْفَعَة أَو دفع مضرَّة كَمَا يَفْعَله الْخلق مَعَ بَعضهم لبَعض فَقَالَ {إِنَّكُم لن تبلغوا ضرى فتضروني وَلنْ تبلغوا نفعى فتنفعوني} فلست إِذا هديتكم وأطعمتكم وكسوتكم بِالَّذِي أطلب أَن تنفعواني وَلَا إِذا غفرت خَطَايَا بِاللَّيْلِ وَالنَّهَار أتقى بذلك أَن تضروني فَإِنَّكُم لن تبلغوا ذَلِك بل عاجزون عَن ذَلِك كُله بل لَا تقدرون رلا عَليّ مَا أقدره لكم وأريده وَكَذَلِكَ مَا يَأْمُركُمْ

الصفحة 124