كتاب مختصر الفتاوى المصرية

وَلَا يعلمُونَ بَقِيَّة الْأَسْبَاب وَلَا الشُّرُوط وَلَا الْمَوَانِع مثل من يعلم أَن الشَّمْس فِي الصَّيف تعلو الإرض حِين يشْتَد الْحر فيريد أَن يعلم من هَذَا مثلا أَنه حِينَئِذٍ أَن الْعِنَب الَّذِي فِي الأَرْض الْفُلَانِيَّة يصير زبيبا بِنَاء على أَن هُنَاكَ عنبا وَأَنه ينضج وينشره صَاحبه فِي الشَّمْس وَقت الْحر فيزبب
وَهَذَا وَإِن كَانَ كثيرا لَكِن أَخذ هَذَا من مُجَرّد حر الشَّمْس جهل عَظِيم إِذْ قد يكون هُنَاكَ شجر عِنَب وَقد لَا يكون وَقد يُثمر ذَلِك الشّجر وَقد لَا يُثمر وَقد يُؤْكَل عنبا وَقد يسرق
والأدلة على فَسَاد هَذِه الصِّنَاعَة وتحريمها كَثِيرَة جدا
وَقد ثَبت فِي صَحِيح مُسلم من أَتَى عرافا فَسَأَلَهُ لم يقبل الله صلَاته أَرْبَعِينَ يَوْمًا
والعراف اسْم للكاهن والمنجم والرمال وَنَحْوهم مِمَّن يتَكَلَّم فِي تقدمة الْمعرفَة بِهَذِهِ الطّرق
وَأما إِنْكَار بعض النَّاس أَن يكون شَيْء من حركات الْكَوَاكِب وَغَيرهَا من الْأَسْبَاب فَهُوَ أَيْضا قَول بِلَا علم بل النُّصُوص تدل على خلاف ذَلِك كَمَا فِي السّنَن أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نظر إِلَى الْقَمَر فَقَالَ يَا عَائِشَة تعوذي بِاللَّه من شَرّ هَذَا يَعْنِي الْقَمَر فَهَذَا الْفَاسِق إِذا وَقب وَحَدِيث الْكُسُوف حَيْثُ أخبر أَن الله يخوف بهما عباده وأنهما لَا يخسفان لمَوْت أحد وَلَا لِحَيَاتِهِ وَإِن كَانَ موت بعض النَّاس قد يَقْتَضِي حُدُوث أَمر فِي السَّمَوَات كَمَا فِي الصَّحِيح إِن عرش الرَّحْمَن اهتز لمَوْت سعد بن معَاذ رَضِي الله عَنهُ
وَأما كَون الْكُسُوف أَو غَيره قد يكون سَببا لحادث فِي الأَرْض من عَذَاب يَقْتَضِي موتا أَو غَيره فَهَذَا قد أثْبته الحَدِيث وَلَا يُنَافِي ذَلِك كَونه الْكُسُوف لَهُ وَقت محدد يكون عِنْد أَجله يَجعله الله سَببا لما يَقْضِيه من عَذَاب وَغَيره كَمَا أَن تَعْذِيب الله لمن عذبه بِالرِّيحِ الشَّدِيدَة كَمَا فِي لوقت الْمُنَاسب وَهُوَ آخر الشتَاء وَكَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا رأى مخيلة وَهُوَ السَّحَاب الَّذِي يخال فِيهِ الْمَطَر

الصفحة 152