كتاب مختصر الفتاوى المصرية

جيشك فَقَالَ بل نسافر ثِقَة بِاللَّه وتوكلا على الله وتكذيبا لَك فسافر فبورك لَهُ فِي هَذَا السّفر وَقتل عَامَّة الْخَوَارِج وَكَانَ ذَلِك من أعظم مَا سر بِهِ حَيْثُ كَانَ قِتَاله لَهُم بِأَمْر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَمَا يذكرهُ بعض النَّاس من أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَا تسافروا وَالْقَمَر فِي الْعَقْرَب فكذب مختلق بِاتِّفَاق أهل الحَدِيث
وَمن قَالَ إِن هَذِه الصَّنْعَة مَأْخُوذَة عَن إِدْرِيس فَهُوَ قَول بِلَا علم وَلَكِن فِي كتب هَؤُلَاءِ هومس ويزعمون أَنه إِدْرِيس والهرمس عِنْدهم اسْم جنس وَلِهَذَا يَقُولُونَ هرمس الهرامسة
وَبِهَذَا تعلم أَن مَا عِنْدهم يَسْتَحِيل أَن يكون مأخوذا عَن نَبِي من الْأَنْبِيَاء لما فِيهِ من الْكَذِب وَالْبَاطِل
وَلَو فرض أَنه كَانَ مَوْجُودا عَن إِدْرِيس لم يكن لَهُم فِيهِ حجَّة فَإِنَّهُ كَانَ معْجزَة لَهُ وعلما أعطَاهُ الله إِيَّاه فَيكون من الْعُلُوم النَّبَوِيَّة
وَهَؤُلَاء إِنَّمَا احْتَجُّوا عَلَيْهِ بالتجربة وَالْقِيَاس لَا يَقُول أحد من الْأَنْبِيَاء وَلَو كَانَ بعضه مأخوذا عَن نَبِي فَفِيهِ من زياداتهم من الْكَذِب وَالْبَاطِل أَضْعَاف مَا هُوَ مَأْخُوذ عَن ذَلِك النَّبِي
وَمَعْلُوم أَن الْيَهُود وَالنَّصَارَى عِنْدهم من الْعُلُوم الْمَأْخُوذَة عَن الْأَنْبِيَاء مَا هُوَ أقل كذبا من هَؤُلَاءِ فَإنَّا قد تَيَقنا قطعا أَن أصل دينهم مَأْخُوذ عَن الْمُرْسلين ثمَّ أخبرنَا الله أَنهم قد حرفوا وكذبوا وكتموا
فَإِذا كَانَ هَذَا حَال الْوَحْي الْمُحَقق الَّذِي هُوَ أقرب إِلَيْنَا من إِدْرِيس عَلَيْهِ السَّلَام فَمَا الظَّن بِهَذَا الْقدر إِن كَانَ فِيهِ مَا هُوَ مَنْقُول عَن إِدْرِيس
فَإنَّا نعلم أَن فِيهِ من الْكَذِب وَالْبَاطِل أعظم مِمَّا فِي عُلُوم أهل الْكتاب
وَقد ثَبت عَنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي صَحِيح البُخَارِيّ أَنه قَالَ إِذا حَدثكُمْ أهل الْكتاب فَلَا تُصَدِّقُوهُمْ وَلَا تكذبوهم فَكيف تَصْدِيق هَؤُلَاءِ السَّحَرَة فِيمَا يَزْعمُونَ أَنه مَأْخُوذ عَن إِدْرِيس مَعَ أَنَّهَا أبعد من أهل الْكتاب

الصفحة 154