كتاب مختصر الفتاوى المصرية

لَكِن حصل بِسَبَبِهِ بَين الْمُؤمنِينَ تحريش وفتنة قتل فِيهَا عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ وَللَّه الْحَمد فَلم تَجْتَمِع هَذِه الْأمة على الضلال بل لَا تزَال طَائِفَة مِنْهُم ظَاهِرين على الْحق حَتَّى تقوم السَّاعَة
وَلما حدثت بدع الشِّيعَة فِي خلَافَة عَليّ رَضِي الله عَنهُ ردهَا وَكَانَت ثَلَاث طوائف غَالِيَة وسبئية ومفضلة فَحرق على الغالية لما خرج إِلَيْهِم من بَاب كِنْدَة فسجدوا لَهُ فَقَالَ مَا هَذَا قَالُوا أَنْت هُوَ الله فَخدَّ الأخاديد وأضرم فِيهَا النَّار ثمَّ قذفهم فِيهَا وَقَالَ
لما رَأَيْت الْأَمر أمرا مُنْكرا ... أحجت نَارِي ودعوت قنبرا

وَأما السبئية فَلَمَّا بلغ عليا أَن ابْن سبأ أَبَا بكر وَعمر رَضِي الله عَنْهُمَا طلبه ليَقْتُلهُ فهرب إِلَى قريسيا وَكَانَ عَليّ رَضِي الله عَنهُ يُدَارِي أمراءه لِأَنَّهُ لم يكن مُتَمَكنًا وَلم يَكُونُوا مُطِيعِينَ لَهُ فِي كل مَا يَأْمُرهُم بِهِ
وَأما المفضلة فَقَالَ لَا أُوتِيَ بِأحد يُفَضِّلُنِي على أبي بكر وَعمر إِلَّا جلدته حد المفترى
وأضافت إِلَيْهِ القرامطة والباطنية والخرمية والمزدكية والاسماعيلية والنصيرية مذاهبها الَّتِي هِيَ من أفسد مَذَاهِب الْعَالم وَادعوا أَن ذَلِك من الْعُلُوم الموروثة عَنهُ
فَإِذا كَانَ هَذَا فِي الزَّمن الْقَرِيب الَّذِي هُوَ أقل من سَبْعمِائة سنة قد كذب على عَليّ وعَلى أهل بَيته وَأَصْحَابه وَغَيرهم وأضيف إِلَيْهِم من مَذَاهِب الفلاسفة والمنجمين مَا يعلم كل عَاقل براءتهم مِنْهُ ونفق ذَلِك على طوائف كَثِيرَة فنسبه إِلَى هَذِه الْمَسْأَلَة مَعَ وجود من يبين كذب هَؤُلَاءِ وَيُنْهِي عَن ذَلِك ويذب عَن الْمَسْأَلَة وَالْيَد وَاللِّسَان فَكيف الظَّن بِمَا يُضَاف إِلَى إِدْرِيس وَغَيره من الْأَنْبِيَاء من أُمُور المنجمين والفلسفة مَعَ تطاول الزَّمَان وتنوع الْحدثَان وَاخْتِلَاف الْملَل والأديان وَعدم من يبين حَقِيقَة ذَلِك بِحجَّة أَو برهَان مَعَ اشْتِمَال ذَلِك على مَا لَا يُحْصى من الْكَذِب والبهتان

الصفحة 157