كتاب مختصر الفتاوى المصرية

فَهَذَا بِمَنْزِلَة كَلَام الأدميين وَهُوَ فِي مثل هَذِه الْحَال محرم فِي الصَّلَاة لكنه لَو تكلم بِهِ فِي الصَّلَاة جَاهِلا بِتَحْرِيمِهِ فَفِي بطلَان صلَاته نزاع فِي مَذْهَب أَحْمد وَغَيره كالناسي الصَّحِيح أَنه لَا يبطل صلَاته
وَالْجَاهِل بِمَعْنى أَنْعَمت عذره أقوى من عذر النَّاسِي وَالْجَاهِل لِأَن هَذَا يعْتَقد أَنَّهَا من كَلَام الله بِخِلَاف الْجَاهِل فَإِنَّهُ يعلم أَنه كَلَام الْآدَمِيّين لَكِن لَا يعلم أَنه مَحْظُور
وعَلى هَذَا فَلَو كَانَ مثل هَذَا اللّحن فِي نقل الْقِرَاءَة لم تبطل وَأما إِذا كَانَ فِي الْفَاتِحَة الَّتِي هِيَ فرض فَيُقَال هَب أَنَّهَا لَا تبطل من جِهَة كَونه متكلما لكنه لم يَأْتِ بِفَرْض الْقِرَاءَة فَيكون قد ترك ركنا فِي الصَّلَاة جَاهِلا وَلَو تَركه نَاسِيا لم تصح صلَاته فَكَذَلِك إِن تَركه جَاهِلا لَكِن هَذَا لم يتْرك أصل الرُّكْن وَإِنَّمَا ترك صنفه فِيهِ وأتى بغَيْرهَا ظَانّا أَنَّهَا هِيَ فَهُوَ بِمَنْزِلَة من سجد إِلَى غَيره الْقبْلَة
وَلَو ترك بعض الْفُرُوض غير عَالم بفرضه فَفِي هَذَا الأَصْل قَولَانِ فِي مَذْهَب أَحْمد وَغَيره
وأصل ذَلِك خطاب الشَّارِع هَل يثبت قبل الْبلُوغ وَالْعلم بِهِ أم لَا على ثَلَاثَة أَقْوَال
أَصَحهَا أَن يعْذر فَلَا تجب الْإِعَادَة على هَذَا الْجَاهِل وَمثله مَا لَو لم تعلم الْمَرْأَة أَنه يجب ستر رَأسهَا وجسدها لم تعد وَلِهَذَا إِذا تغير اجْتِهَاد الْحَاكِم لم ينْقض مَا حكم فِيهِ وَكَذَلِكَ الْمُفْتِي إِذا تغير اجْتِهَاده
وَأما إِن تعمد اللّحن عَالما بِمَعْنَاهُ بطلت صلَاته من جِهَة أَنه لم يقْرَأ الْفَاتِحَة وَمن جِهَة انه تكلم بِكَلَام الْآدَمِيّين بل لَو عرف مَعْنَاهُ وخاطب بِهِ الله كفر وَإِن تَعَمّده وَلم يعلم مَعْنَاهُ لم يكفر وَإِن لم يتَعَمَّد لَكِن ظن أَنه حق فَفِي صِحَة صلاتة نزاع كَمَا ذَكرْنَاهُ
وَكَذَا لَو علم أَنه لحن لَكِن اعْتقد أَن لَا يحِيل الْمَعْنى حَتَّى لَو كَانَ

الصفحة 54