كتاب مختصر الفتاوى المصرية

مَذْهَبهم من بعض متكلمي أهل الْقبْلَة ومتصوفتهم أَن الْمعَاد للروح دون لبدن
الرَّابِع أَنه لَا معاد أصلا لَا لروح وَلَا لبدن وَهُوَ قَول أَكثر مُشْركي الْعَرَب وَكثير من الطبائعيين والمنجمين وَبَعض الإلهيين من المتفلسفة
فعلى هذَيْن الْقَوْلَيْنِ يُنكر حشر الْبَهَائِم وعَلى القَوْل الأول يقبل الْخلاف
الْمَسْأَلَة الثَّلَاثَة أَن من لَا تَكْلِيف عَلَيْهِ بل قد رفع عَنهُ الْقَلَم هَل يعذب فِي الْآخِرَة
وَهنا مَسْأَلَة أَطْفَال الْمُشْركين فَمن قَالَ من أَصْحَابنَا وَغَيرهم إِنَّهُم يُعَذبُونَ تبعا لِآبَائِهِمْ قَالَ بِعَذَاب غير الْمُكَلف تبعا وَمن قَالَ يدْخلُونَ الْجنَّة من أَصْحَابنَا وَغَيرهم قَالَ بتنعيمهم
وَالصَّوَاب الَّذِي دلّ عَلَيْهِ الْكتاب وَالسّنة أَنهم لَا يُعَذبُونَ جَمِيعهم وَلَا ينعمون جَمِيعهم بل فريق مِنْهُم فِي الْجنَّة وفريق فِي السعير كالبلغ وَهَذَا مُقْتَضى نُصُوص أَحْمد فَإِن أَكثر نصوصه على الْوُقُوف فيهم بِمَعْنى أَنه لَا يحكم لأحد مِنْهُم لَا بجنة وَلَا بِنَار فَدلَّ على جَوَاز الْأَمريْنِ عِنْده فِي حق الْمعِين مِنْهُم وَأما تَجْوِيز الْأَمريْنِ فِي حق مجموعهم فَلَا يلْزمه وَهَذَا قَول الْأَشْعَرِيّ وَغَيره
وَبِهَذَا أجَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما سُئِلَ عَنْهُم فَقَالَ الله أعلم بِمَا كَانُوا عاملين فَبين أَن الْأَمر مَرْدُود إِلَى علم الله بِمَا كَانُوا يعْملُونَ لَو بلغُوا
وَقد ثَبت عَنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي البُخَارِيّ أَنه رأى حول إِبْرَاهِيم عِنْد الْجنَّة أَطْفَال الْمُسلمين وَالْمُشْرِكين وَثَبت عَنهُ فِي صَحِيح مُسلم أَن الْغُلَام الَّذِي قَتله الْخضر طبع يَوْم طبع كَافِرًا مَعَ أَنه قتل قبل الِاحْتِلَام قَالَ ابْن عياس لنجده الحروري لما سَأَلَهُ عَن قتل الغلمان فَقَالَ إِن كنت تعلم مِنْهُم مَا علمه الْخضر من الْغُلَام الَّذِي قَتله فاقتلهم والا فَلَا تقتلهم هَذَا مَعَ أَن أَبَوَيْهِ كَانَا مُؤمنين وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه سُئِلَ عَن أهل الدَّار من الْمُشْركين يبيتُونَ ليصاب من صبيانهم فَقَالَ هم مِنْهُم

الصفحة 642