كتاب مختصر الفتاوى المصرية

وَهَذَا جهل مِمَّن توهمه أَو نَقله عَن أهل السّنة والْحَدِيث فَإِن الحَدِيث حَتَّى يضع رب الْعِزَّة عَلَيْهَا وَفِي رِوَايَة فَمَا فينزوي بَعْضهَا إِلَى بعض وَتقول قطّ قطّ وَعزَّتك فَدلَّ ذَلِك على أَنَّهَا تضايقت على من كَانَ فِيهَا فامتلأت بهم كَمَا أقسم على نَفسه أَنه ليملأنها من الْجنَّة وَالنَّاس أَجْمَعِينَ فَكيف تمتلىء بِشَيْء غير ذَلِك من خَالق أَو مَخْلُوق وَإِنَّمَا الْمَعْنى أَنه تُوضَع الْقدَم الْمُضَاف إِلَى الرب تَعَالَى فتنزوي وتضيق بِمن فِيهَا وَالْوَاحد من الْخلق قد يرْكض متحركا من الْأَجْسَام فيسكون أَو سَاكِنا فيتحرك ويركض جبلا فينفجر مِنْهُ مَاء كَمَا قَالَ تَعَالَى {اركض برجلك هَذَا مغتسل بَارِد وشراب} وَقد يضع يَده على الْمَرِيض فَيبرأ وعَلى الغضبان فيرضى
الْمَسْأَلَة السَّابِعَة أَن التَّكْلِيف بِالْأَمر وَالنَّهْي ثَابت بِالشَّرْعِ بِاتِّفَاق الْمُسلمين وَفِي ثُبُوته بِالْعقلِ اخْتِلَاف بَين الْعلمَاء من أَصْحَابنَا وَغَيرهم وَالْمَسْأَلَة مَشْهُورَة مَسْأَلَة التحسين والتقبيح وَوُجُوب الْوَاجِبَات وَتَحْرِيم الْمُحرمَات هَل ثبتَتْ بِالْعقلِ وَمَسْأَلَة وجوب عَرَفَة الله وشكره وَمَسْأَلَة الْأَعْيَان قبل السّمع
وَفِي مَسْأَلَة تَفْصِيل كتبته فِي غير هَذَا الْموضع إِذْ الْمَقْصُود هُنَا النكت المستغربة وَأما اثواب وَالْعِقَاب فمعلوم بِالسَّمْعِ بِلَا خلاف بَين الْمُسلمين وَهل يعلم بِالْعقلِ مبْنى على الْمعَاد فَإِن الْمعَاد باسمع بِلَا ريب وَهل يعلم بِالْعقلِ قد اخْتلف فِيهِ فَذهب كثير من أهل الْكَلَام وَذهب أَكثر النَّاس إِلَى أَن الْمعَاد من الْأُمُور السمعية الَّتِي لَا تعلم إِلَّا بِالسَّمْعِ وَهُوَ قَول كثير من أَصْحَابنَا والأشعرية وَغَيرهم وَذهب طوائف إِلَى أَن يعلم بِالْعقلِ ثمَّ تنوعت مسالكهم مِنْهُم من بناه على وجوب الْعدْل وَأَن ذَلِك يَقْتَضِي معادا غير هَذِه الدَّار يجزى فِيهَا الظَّالِمُونَ بظلمهم أَو يعوض المعذبون على عَذَابهمْ وَهَذَا مَسْلَك كثير من الْمُعْتَزلَة وَغَيرهم وَمِنْهُم من بناه على أَن الرّوح غير الْبدن وَأَنَّهَا بَاقِيَة هَذِه وَأَن لَهَا من النَّعيم والعذابب الروحانيين مَالا يفارقها وَهَذَا مَسْلَك كثير من المتفلسفة وَمن

الصفحة 648