كتاب مختصر الفتاوى المصرية

فصل
فعل كل صَلَاة فِي وَقتهَا أفضل من الْجمع إِذا لم يكن بِهِ حَاجَة وَلَيْسَ هُوَ كالقصر فَإِنَّهُ رخصَة عارضة وَالْقصر سنة وَنفي الْجنَاح لَا يمْنَع أَن يكون الْقصر هُوَ السّنة كَمَا فِي قَوْله {فَلَا جنَاح عَلَيْهِ أَن يطوف بهما}
وَذكر الْخَوْف وَالسّفر لِأَن الْقصر يتَنَاوَل قصر الْعدَد وَقصر الْأَركان فالخوف يُبِيح قصر الْأَركان وَالسّفر يُبِيح قصر الْعدَد فَإِن اجْتمعَا أُبِيح الْقصر بِالْوَجْهَيْنِ وَإِذا انْفَرد السّفر أُبِيح أحد نَوْعي الْقصر وَالأَصَح أَنه لَا يحْتَاج إِلَى نِيَّة الْقصر وَالْجمع أَيْضا
مَسْأَلَة وتنازع الْعلمَاء فِي التربيع فِي السّفر هَل هُوَ حرَام كمذهب أبي حنيفَة أَن مَكْرُوه كإحدى روايتي مَالك وَأحمد أَو ترك الأولى كَأحد قَول الشَّافِعِي وَرِوَايَة لِأَحْمَد أَو التربيع أفضل وَهُوَ قَول الشَّافِعِي وَهُوَ أَضْعَف الْأَرْبَعَة الْأَقْوَال
وَذهب بعض الْخَوَارِج إِلَى أَنه لَا يجوز الْقصر إِلَّا مَعَ الْخَوْف ويذكرونه قولا للشَّافِعِيّ وَمَا أَظُنهُ يَصح عَنهُ
وَالصَّوَاب أَن الْجمع لَا يخْتَص بِالسَّفرِ الطَّوِيل
وَمن نوى الْإِقَامَة أَرْبَعَة أَيَّام فَمَا دونهَا قصر
ومسافة الْقصر عِنْد أَحْمد وَالشَّافِعِيّ وَمَالك يَوْمَانِ سِتَّة عشر فرسخا كل فَرسَخ ثَلَاثَة أَمْيَال الْميل أَرْبَعَة آلَاف ذِرَاع وَقَالَ أَبُو حنيفَة ثَلَاثَة أَيَّام وَذهب طَائِفَة من السّلف وَالْخلف إِلَى أننه يقصر فِيمَا دون يَوْمَيْنِ وَهُوَ قوي جدا
يُؤَيّدهُ أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يُصَلِّي بِالْمُسْلِمين بِعَرَفَة ومزدلفة وَمنى قصرا وَفِيهِمْ أهل مَكَّة وَلم يَأْمُرهُم بالاتمام وَلما صلى بِمَكَّة قَالَ لَهُم أَتموا صَلَاتكُمْ فَإنَّا قوم سفر وَقَوله من صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيل الله بعد الله وَجهه عَن النَّار سبعين خَرِيفًا

الصفحة 72