وقلة الحسنات تؤخرهم، وتجعل الآخرين يتقدمونهم، بعدما كانوا في الدنيا مقدميين، ففي سنن ابن ماجة عن أبي ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الأكثرون هم الأسفلون يوم القيامة، إلا من قال بالمال هكذا، وهكذا، وكسبه طيب " (¬1) .
وأخبرنا الرسول صلى الله عليه وسلم أن الذين أثقلوا أنفسهم بالنعيم الدنيوي، والغنى والثراء لا يستطيعون أن يتجاوزوا في يوم القيامة العقبات والأهوال، ففي شعب الإيمان عن أم الدرداء قالت: قلت لأبي الدرداء: مالك لا تطلب كما يطلب فلان؟ فقال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " إن أمامكم عقبة كؤوداً لا يجوزها المثقلون " (¬2) .
حال عصاة المؤمنين (الجزء الثاني)
المطلب الخامس
فضيحة الغادر
عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا جمع الله الأولين والآخرين يوم القيامة يرفع لكل غادر لواء، فقيل: هذه غدرة فلان ابن فلان " رواه مسلم (¬3) .
والغادر: الذي يواعد على أمر، ولا يفي به، واللواء: الراية العظيمة، لا يمسكها إلا صاحب جيش الحرب، أو صاحب دعوة الجيش، ويكون الناس تبعاً له (¬4) . فالغادر ترفع له راية تسجل عليها غدرته، فيفضح بذلك يوم القيامة،
¬_________
(¬1) سلسلة الأحاديث الصحيحة: (4/364) ، ورقمه: 1766.
(¬2) مشكاة المصابيح: (2/607) ورقمه: (5204) . وعزاه في صحيح الجامع إلى الحاكم أيضاً انظر: صحيح الجامع (2/178) ورقمه: 1997.
(¬3) صحيح مسلم، (3/1359) ورقمه: 1735، والحديث رواه البخاري وأبو داود والترمذي وغيرهم.
(¬4) شرح النووي على مسلم: (11/42) .