كتاب شرح أدب الكاتب

وقيل سمى رسول لأنه ذو رسالة وهو فعول في معنى مفعل من أوزان المبالغة كضروب لمن كثر من الضرب. والرسول في غير هذا الموضع بمعنى الرسالة قال الزجاج في قوله تعالى " إنا رسول رب العالمين " معناه إنا رسالة رب العالمين أي ذو رسالة رب العالمين. وقال كثيّر
لقد كذب الواشون ما بحت عندهم ... بسرّ ولا أرسلتهم برسول
أي برسالة.
والمصطفى المختار وهو مفتعل من الصفوة ومن الصفو وهو ضد الكدر وقلبت التاء طاء لتوافق الصاد في الأطباق وأصله مصتفو فقلبت الواو ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها. وآل الرجل أشياعه وأتباعه أهل ملته وآل الأنبياء من كان على دينهم وقد يقع الآل مكان الأهل وأصل آل أهل لأنك تقول في تصغيره أهيل والتصغير يرد الشيء إلى أصله فأبدلوا الهاء همزة كما أبدلوا الهمزة هاء في هرقت الماء وهياك والأصل أرقت وإياك والآل في غير هذا الموضع الشخص والآل الذي يرفع الشخوص وقوله " فأني رأيت أكثر أهل زماننا عن سبيل الآدب ناكبين ومن اسمه متطيرين ولأهله هاجرين " رأيت هنا بمعنى علمت وهي تتعدى إلى مفعولين لا يقتصر على أحدهما قال الشاعر:
تقوه أيها الفتيان إني ... رأيت الله قد غلب الجدودا
رأيت الله أكبر كل شيء ... محاولة وأكثره جنودا
وتستعمل رأيت بمعنى الإحساس بالبصر تقول رأيت زيداً أي أبصرته فتتعدى إلى مفعول واحد وقد ترد متعديه إلى مفعول واحد فقط وذلك من أفعال القلوب والمعنى فيها الرأي والاعتقاد وعلى هذا قالت العرب فلان يرى التحكيم قال ابن برهان وعليه تأول أبو يوسف قوله تعالى " بما أراك الله " التقدير بما أراكه الله ولو كان أراك بمعنى أعلمك مع كونه من أفعال القلوب لوجب أن يتعدى إلى ثلاثة مفعولين الثالث هو الثاني ولا يصح حذف المفعول الثالث ولا يصح في هذه الآية حذف مفعول به ثالث. والسبيل الطريق تذكر وتؤنث وجمعها سبل قال الله تعالى " قل هذه سبيلي " وقال عز وجل " وإن يروا سبيل الرشد لا يتخذوه سبيلا ".

الصفحة 18