كتاب شرح أدب الكاتب

يسمى وحذف آخره وسكن أوله اعتلالا على غير قياس ودخلته همزة الوصل لسكون أوله وقيل لحقته همزة الوصل عوضاً من النقص الذي دخله. وقوله متطرين أي متشائمين لنفور طباعهم عنه والطائر والطير الشؤم وأصل ذلك من الطير لأن العرب كان من شأنها عيافة الطير وزجرها والتشاؤم ببارحها وهو ما أخذ منها ذات اليسار إذا أثاروها وبنعيق غربانها قسموا الشؤم طيرا وطائرا وطيرة لتشؤمهم بها هذا هو الصحيح والطيرة في الشر والفأل في الخير والزجر يجمعهما والزاجر الذي يزجر الطير والوحش فيستخرج الطيرة والفأل. " ولأهله هاجرين " الهاجر القاطع يقال هجرته هجراً وهجرة وهجرانا إذا قطعته وسمى المهاجرون من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنهم هجروا أوطانهم إلى مستقره عليه السلام ومنه سميت الهاجرة وهي انتصاف النهار أما لانقطاعها عن وقت البرد وطيب الهواء أو لأنه يهجر السير فيها أي يقطع.
وقوله " أما الناشئ منهم فراغب عن التعليم والشادي تارك للازدياد والتأدب في عنفوان الشباب ناس أو متناسٍ ليدخل في جملة المجدودين ويخرج عن جملة المحدودين ".
الناشئ الحدث الشاب حين نشأ أي ابتدأ في الارتفاع عن حد الصبى إلى الإدراك أو قرب منه يقال للشاب والشابة إذا كانا كذاك وهم النشا مثل خادم وخدم قال نصيب:
ولولا أن يقال صبا نصيب ... لقلت بنفسي النشأ الصغار
والفعل منه نشأ ينشا نشأ ونشأة ونشاءة قال الفراء العرب تقول هؤلاء نشء صدق فإذا طرحوا الهمزة قالوا هؤلاء نشو صدق ورأيت نشا صدق ومررت بنشء صدق. وأجود من ذلك حذف الواو والألف والياء لأن قولهم يسل أكثر من قولهم يسأل. وقوله " راغب عن التعليم " أي زاهد فيه صادف عنه لما يرى من قلة رغبة من فوقه. " والشادي " الذي قد شدا شيئاً من العلم أي أخذ منه طرفا وتعلمه شدا يشدو شدوا. والشادي في غير الموضع المغني. وكأن الشادي المبتدئ بالأخذ من الشيء. والمتأدب الذي قد أخذ من الآدب بحظ وهو متفعل من الآدب يقال منه أدب الرجل يأدب إذا صار أديباً مثل كرم يكرم إذا صار كريماً. وعنفوان الشباب أوله وجدته وكذلك عنفوان البنات وكل شيء أوله ومثل عنفوان الشباب ريعانه وريقه بالتشديد والتخفيف وجنه وسكراته واصطمته وشرخه وربانه كله أوله.

الصفحة 20