كتاب العبرات للمنفلوطي

إِنَّ هَذَا اَلْيَوْم أَسْعَد أَيَّامِي وأهنؤها فَقَدْ وَصَلَ إِلَيَّ مِنْ أَبِيك كِتَاب هَذَا نَصَّهُ.
سَيِّدَتِي:
إِنِّي أَتَوَجَّع لَك تَوَجُّعًا شَدِيدًا فَقَدْ عَلِمَتْ بِالْأَمْسِ مِنْ بَعْض اَلْوَافِدِينَ إِلَى نيس أَنَّك مَرِيضَة مَرَضًا شَدِيدًا مُنْذُ شَهْرَيْنِ وَأَنَّك لَا تُخْرِجِينَ مَنْ مِنْ ذَلِكَ إِلَّا قَلِيلًا فَأَسْأَل اَللَّه لَك اَلشِّفَاء وَالْعَزَاء وَأَضْرَع إِلَيْهِ أَنْ يَجْزِيك خَيْرًا بِمَا قَاسَيْت مِنْ اَلْآلَام وَالْأَوْجَاع فِي سَبِيلِي وَابْنَتِي وَأُبَشِّرك أَنَّ اَللَّه قَدْ تَقَبَّلَ قُرْبَانك اَلَّذِي قَدَّمَتْهُ إِلَيْهِ فَإِنَّ سُوزَان قَدْ تَزَوَّجَتْ مِنْ خَطِيبهَا مُنْذُ عِشْرِينَ يَوْمًا وَأَصْبَحَتْ هَانِئَة بِحُبِّهَا وَعَيْشهَا كَمَا أَرَدْت لَهَا وَأَنَّهَا وَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَعْلَم مِنْ أَمْر تِلْكَ اَلْقِصَّة اَلَّتِي تَعْلَمهَا شَيْئًا فَقَدْ قُلْت لَهَا إِنَّ بَعْض اَلنَّاس وَلِمَ اِسْمه لَهَا قَدْ ضَحَّى بِنَفْسِهِ وَبِسَعَادَتِهِ فِي سَبِيل سَعَادَتك وَهَنَائِك فَلَا تَتْرُكِي اَلدُّعَاء لَهُ فِي جَمِيع صَلَوَاتك بِجَزِيل اَلْأَجْر وَحَسَن اَلْمَثُوبَة فَهِيَ لَا تَزَال تَدْعُو لَك صَبَاحهَا وَمَسَاءَهَا أَنْ يُحْسِن اَللَّه إِلَيْك أَحْسَنْت إِلَيْهَا.
أَمَّا اَلْكِتَاب اَلَّذِي أَرْسَلْته إِلَى أَرْمَان فِي أَوَائِل اَلشَّهْر اَلْمَاضِي فَلَمْ يَصِل إِلَيْهِ اَلْيَوْم لِأَنَّهُ مُنْذُ فَارَقَك وَسَافَرَ إِلَى نيس لِمَ يَسْتَطِيع اَلْبَقَاء فِيهَا إِلَّا بِضْعَة أَيَّام ثُمَّ رَحَلَ عَنْهَا إِلَى اَلشَّرْق حَزِينًا مَهْمُومًا مِنْ أَجْلك وَكُنْت لَا أَعْرِف اَلْجِهَة اَلَّتِي

الصفحة 172