كتاب شفاء العليل في اختصار إبطال التحليل - البعلي - ت العمران - ط عالم الفوائد

الله، فيأتي فيقول: هذا لكم وهذا أهدي لي، أفلا جلس في بيت
أبيه وأمه حتى تأتي هديته إن كان صادقا، والله لا يأخذ أحدكم شيئا
بغير حقه إلا لقي الله يحمله يوم القيامة. . .) " الحديث.
فوجه الدلالة: أن الهدية عطية يبتغى بها وجه المعطي وكرامته،
فلم ينظر النبي ك! ياله إلى ظاهر الإعطاء قولا وفعلا، ولكن نظر إلى
قصد المعطين ونياتهم، التي تعلط بدلالة الحال، فإن كان الرجل
بحيث لو نزع عن تلك الولاية أهدي له تلك الهدية، لم تكن
الولاية هي الداعية للناس إلى عطئته، وإلا فالمقصود بالعطية إنما
هي ولايته؛ إما ليكرمهم فيها او يخفف عنهم، او يقدمهم على
غيرهم، أو نحو ذلك، فاعتبر ك! ي! ه قصدهم، فكان هذا اصلا في
اعتبار المقاصد ودلالات الحال في العقود، وهو المطلوب.
وهذا الحكم الذي ذكره النبي ك! ي! ه اصل عظيم في كل من اخذ
شيئا و أعطاه تبرعا لشخص أو معاوضة بشيء في الظاهر وهو في
القصد والحقيقة لغيره، فانه يقال: هلا ترك ذلك الشيء الذي هو
المحقصود، ثم ينظر هل يكون ذلك الأمر إن كان صادقا. فيقال في
جميع العقود الربوية - إذا كانت خداعا - مثل ذلك، كما ذكرناه.
(164/ب) وهذا الأصل لكل من بذل لجهة لولا هي لم يبذله،
فانه يجعل تلك الجهة هي المقصودة بذلك البذل، فيكون المال
لرب تلك الجهة، إن حلالا فحلال والا فحرام (1).
__________
(1) "الأصل": "حرام"، و"الإبطال ": "وإلا كانت حراما"، والمثبت من (م).
108

الصفحة 108