كتاب شفاء العليل في اختصار إبطال التحليل - البعلي - ت العمران - ط عالم الفوائد

افضت إلى فعل محرم، ولو تجرد عن ذلك الافضاء لم يكن فيها
مفسدة، ولهذا قيل: الذريعة الفعل الذي ظاهره الاباحة وهو وسيلة
إلى فعل المحرم.
ثم هذه الذرائع إذا كانت تفضي إلى المحرم غالبا، فانه
يحزمها مطلقا، وكذلك إن كاثت قد تفضي وقد لا تفضي، لكن
الطبع متقاض لافضائها.
وأما إن كانت إنما تفضي أحيانا، فان لم يكن فيها مصلحة
راجحة على هذا الافضاء القليل وإلا حرمها -ايضا- فقد حرم
الشارع الذرائع وإن لم يقصد بها المحرم، خشية إفضائها إلى
المحرم، فاذا قصد بالشيء نفس المحرم كان اولى بالتحريم من
الذرائع، وبهذا تظهر علة التحريم في مسائل العينة وأمثالها، وإن
لم يقصد البائع الربا؛ لان هذه المعاملة يغلب فيها قصد الربا،
فيصير ذريعة، فيسد هذا الباب.
وللشريعة أسرار في سد الفساد وحسم مادة الشر؛ لعلم
الشارع بما خفي على النفوس من خفي هواها الذي لا يزال يسري
فيها حتى يقودها إلى الهلكة، فمن تحذلق على الشارع وقال في
بعض المحرمات: إنما حرمها لعلة كذا، وهي مفقودة هنا، فاستباج
ذلك بهذا التأويل؛ فهو ظلوم لنفسه جهول بأمر ربه.
وهذا إن نجى من الكفر لم ينج غالبا من بدعة أو فسق، أو
قلة فقه في الدين وعدم بصيرة، وشواهد هذه القاعدة اكثر من أن
تحصر، فتذكر بعض ما يحضر:
116

الصفحة 116