كتاب شفاء العليل في اختصار إبطال التحليل - البعلي - ت العمران - ط عالم الفوائد
فهذه النصوص كلها تدل على [أن] المقاصد تغير أحكام
التصرفات من العقود وغيرها.
من ذلك: أنه لو قضى عن غيره دينا و أنفق عليه نفقة واجبة،
ونحو ذلك، ينوي التبرع - لم يملك الرجوع، وإن لم ينو فله
الرجوع إن علم إذنه وفاقا، وبغير إذنه على خلاف فيه.
ومن ذلك: أن الله حرم أن يدفع الرجل إلى غيره مالا ربويا
بمثله على وجه البيع إلا ن يتقابضا، وجوزه على وجه القرض.
وكذا لو باعه درهما بدرهمين كان ربا محرما، ولو باعه
درهما بدرهم، ووهبه درهما هبة مطلقة لا تعلق لها بالبيع ظاهرا
ولا باطنا كان ذلك جائزا. فلولا اعتبار المقاصد لأمكن كل مرب
إذا أراد بيع ألف بألف وخمس مئة أن يقول: بعتك ألفا بألف
ووهبتك خمس مئة، ولم يبق لتحريم الربا فائدة.
ولا يجوز ان يظن ان الاحكام إنما اختلفت لاختلاف اللفظ،
بل لما اختلفت المقاصد اختلفت الاسماء والأحكام، وانما
المقاصد حقائق الافعال وقوامها، و"إنما الاعمال بالنيات ".
ويدل على ذلك عقود المكره وأقواله، مثل: بيعه وقرضه
ورهنه، ونكاحه وطلاقه ورجعته، ويمينه ونذره، وشهادته وحكمه
وإقراره وردته، وغير ذلك من أقواله، فان هذه كلها ملغاة منه،
وأكثرها مجمع عليها، وقد دل على بعضها القران، مثل قوله
- تعالى -: < إلا من أتحره وقلبه! مظمينم بالإيمن > [النحل/ 106]،
59