كتاب شفاء العليل في اختصار إبطال التحليل - البعلي - ت العمران - ط عالم الفوائد

وهذا الذي ذكرناه من كونها محدئة وبدعة أمر لايشك فيه من له
أدنى علم باثار السلف، وأيام الاسلام، وطبقات المفتين، يبين ذلك:
أن الكتب المصنفة في أحاديث رسول الله، وفتاوى الصحابة
والتابعين، ليس فيها شيء من ذلك، ولو أفتوا بشيء من ذلك (155/)
لنقل كما نقل غيره، والذين صنفوا في الحيل من المتأخرين حرصوا
على أثر من ذلك يقتدون به، فلم يجدوا شيئا من ذلك، ولله الحمد، إلا
ما حكي عن بعضهم من التعريض واللحن، وقولهم: "إن في المعاريض
لمندوحة عن الكذب " (1). و"الكلام أوسع من أن يكذب ظريف " (2).
وليس هذا من الحيل التي قلنا: إنها محدثة، فان المعاريض
عند الحاجة والتأويل في الكلام، والحلف من المظلوم بأن ينوي
بكلامه ما يحتمله اللفط وهو خلاف الظاهر، كما فعل الخليل
- صلى الله عليه وسلم - (3)، وكما قال أبو بكر -رضي الله عنه - عن النبي: إنه رجل
يهديني السبيل (4)، وكما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - للرجل الكافر الذي سأله:
ممن أنت؟ فقال: "نحن من ماء" (5)، إلى غير ذلك = أمر جائز،
__________
(1)
(2)
(3)
(4)
(5)
اخرجه ابن ابي شيبة: (5/ 282)، والبخاري في "الادب المفرد) ": (ص/297)،
والبيهقي: (199/ 10) عن عمران بن حصين -رضي الله عنه -.
اخرجه ابن عدي: (32/ 4)، والبيهقي في "الشعب": (232/ 4) من قول
ابن سيرين.
فيما اخرجه البخاري رقم (3358)، ومسلم رقم (2371) من حديث أبي
هريرة - رضي الله عنه -.
أخرجه البخاري رقم (3911).
ذكره ابن إسحاق في "السيرة": (1/ق 2/ 616).
64

الصفحة 64