كتاب شفاء العليل في اختصار إبطال التحليل - البعلي - ت العمران - ط عالم الفوائد
جاهل بالشريعة وأصول الأحكام، وهذا المقصود يتلخص بوجوه:
أحدها: أن الرجل الجليل الذي له في الاسلام قدم صالح
واثار حسنة، وهو من الاسلام وأهله بمكانة عليا، قد يكون منه
الهفوة والزلة، هو فيها معذور بل مأجور، ولا يجوز أن جم! بع فيها،
مع بقاء مكانته ومنزلته في قلوب المؤمنين.
قال ابن المبارك: ولقد أخبرني المعتمر بن سليمان قال:
رآني أبي وأنا نشد الشعر، فقال لي: يا بتي لا تنشد الشعر، فقلت
له: يا أبه كان الحسن ينشد، وكان ابن سيرين ينشد، فقال لي: يا
بني إن أخذت بشر ما في الحسن وبشر ما في ابن سيرين، اجتمع
فيك الشر كله.
وهذا أمر متفق عليه، فإنه ما من أحد من أعيان الأمة من
السابقين الاولين ومن بعدهم إلا لهم اقوال وافعال خفي عليهم فيها
السنة، وهذا باب واسع لا يحصى، مع ان ذلك لا يغض من
أقدارهم، ولا يسوغ اتباعهم فيها، كما قال - سبحانه -: < فان تنازعنم
في شئ فردوه إلى الله والرسول > [النساء/ 59] ه
قال مجاهد والحكم بن عتيبة ومالك وغيرهم: ليس أحد من
خلق الله إلا يؤخذ من قوله ويمرك إلا النبي - صلى الله عليه وسلم - (1).
وقال سليمان التيمي: إن أخذت برخصة كل عالم اجتمع
__________
(1) أخرجه البيهقي في "المدخل للسنن الكبرى ": (ص/107)، وابن عبدالبر في
"الجامع": (2/ 925) عن مجاهد، وأخرجه ابن عبدالبر عن الحكم.
77