كتاب شفاء العليل في اختصار إبطال التحليل - البعلي - ت العمران - ط عالم الفوائد
وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لعامله: "بع الجمع بالدراهم ثم ابتع
بالدراهم جنيبا" (1)، لمحعقد العقد الاول ليتوسل به إلى العقد الثاني.
وهذه حيلة تضمنت حصول المقصود بعد عقدين، فهي أوكد مما
تضمنت حصوله بعد عقد واحد، وأشبهت العينة، فانه قصد أن
يعطيه دراهم، فلم يمكن بعقد واحد، فعقد عقدين، بأن باع السلعة
ثم إبتاعها.
والجواب عن هذا: أن تحصيل المقاصد بالطرق المشروعة
إليها، ليس من جنس الحيل، سواء سمي حيلة أو لم يسم، فليس
النزاع في مجرد اللفظ، بل الفرق بينهما ثابت من جهة الوسيلة
والمقصود، اللذين هما المحتال به والمحتال عليه، وذلك أن البيع
مقصوده أن يجعل ملك الثمن للبائع، ويحصل ملك المبيع للمشتري،
فيكون كل منهما ملكا لمن انتقل إليه كسائر أملاكه، وذلك في
الامر العام إنما يكون إذا قصد المشتري ملك السلعة للانتفاع بعينها
أو انفاقها أو التجارة فيها.
فإن كان قصده ثمنها فيبتاعها ثم يبيعها ويستنفق ثمنها، فهي
التورق، وفيها خلاف ذكرناه (2).
فأما إذا كان مقصود (161/ب) الرجل نفس الملك المباح
بالبيع وما هو من توابعه، وحصله بالبيع، فقد قصد بالسبب ما
__________
(1) تقدم تخريجه (ص/ 65 - 66).
(2) (ص/ 54).
93