كتاب شفاء العليل في اختصار إبطال التحليل - البعلي - ت العمران - ط عالم الفوائد

الأفراد، والقدر المشترلب ليس هو ما تميز به كل واحد من الأفراد
عن الاخر ولا هو مستلزما له، فلا يكون الأمر بالمشترك امرا
بالمميز بحال. نعم هو مستلزم لبعض تلك القيود لا بعينه، فيكون
عاما لها على سبيل البدل، فلا يقتضي العموم للأفراد على سبيل
الجمع، وهو المطلوب. فقوله: "بع هذا الثوب " لا يقتضي بيعه
لزيد ولا لعمرو، ولا بكذا، ولا بهذه السوق؛ لكن متى أتى
بالمسمى حصل ممتثلا من جهة وجود تلك الحقيقة، لا من جهة
وجود تلك القيود، وهذا لا خلاف فيه.
فليس في الحديث أن يبتاع من المشتري ولا من غيره، فلا
يدل لفظه على شيء من ذلك بعينه، ولا على جميع ذلك، مطابقة
ولا تضمنا ولا التزاما، كما لا يدل على بيعه حالا أو مؤجلا، ولا
بثمن المثل أو غيره؛ لخروج هذه القيود عن مفهوم اللفظ، وإنما
استفيد عدم الاجزاء إذا باع بدون ثمن المثل أو بغير نقد البلد من
العرف الذي ثبت للبيع المطلق.
وكذلك ليس فيه دليل على أنه يبيعه من المشتري ولا من
غيره؛ لكن إنما يستفاد ذلك من أدلة أخرى، فما أباحته الشريعة
جاز فعله، وما لا فلا.
وبهذا يطهر الجواب عن قول من يقول: لو كان الابتياع من
المشتري حراها لنهى عنه، فان مقصوده - صلى الله عليه وسلم - إنما كان بيان الطريق
التي بها يحصل اشتراء التمر الجيد لمن عنده رديء، ولم يتعرض
لشروط البيع وموانعه، لكون المقصود ذكر الحكم على وجه

الصفحة 99