كتاب اختيارات شيخ الإسلام ابن تيمية - ابن عبد الهادي - ت جاد الله - ط عالم الفوائد
واما "سورة المائدة ": فانها سورة العقود، فان العهود والمواثيق
التي يعقدها بنو آدم بينهم وبين ربهم، ويعقدها بعضهم لبعض - مثل:
عقد الإيمان، وعقد الايمان -، فامر الله بالوفاء بالعهود، والوفاء
بالعهود من صفات الصادقين دون الكاذبين؛ ونجتم السورة بما يناسب
ما تحتها، فقال: <هذا يوم يانفع الضدفن صدقهم لهتم جنف تجري من تحتها
الأنهر) الآية [المائدة: 119]، فالموفون بالعقود صادقون، فنفعهم
الصدف بالوفاء يوم القيامة بما وعدهم من الكرامة).
[ثم تكلم شيخنا] (1) على الوفاء بالعهد، وقال: (وهذه "سورة
المائدة " للمؤمنين، امرهم فيها بالوفاء بالعقود، وذكرهم فيها بنعمته،
كما قال تعالى لبني إسرائيل: < أدبهروانغمتى الئ أضت علئكم و ؤ! ؤا بئهدبد
أوف بهدكخ) [البقرة: 40]، فذكر النعم يوجب الشكر، والوفاء بالعقود
يحتاج إلى الصبر، فلابد ان يكون صبارا شكورا، كما قال في اثناء
السورة بعد اية الطهارة: <و ذ! روا لغمة اللو علتكتم وميثقه الذى
واثقكم به- إد ققتم سمعنا وأطمنا> [المائدة: 7]).
قال: (فلما كان هذا فاتحة السورة كان من مضمونها الشريعة
والمنهاج التي جعلها لاهل القران، فبين لهم من تفصيل امره ونهيه-
الذي جعله الله لهم شرعة ومنهاجا - في هذه السورة ما وجب عليهم
الوفاء به، لأجل إيمانهم الذي هو عقد يوجب عليهم: طاعة الله
ورسوله واتباع كتابه، ولهذا روي عن النبي ع! ي!: "إن سورة المائدة
اخر القران نزولا فاحلوا حلالها وحرموا حرامها". وعن ابي ميسرة:
__________
(1)
في الأصل: (ثم تكلم سبحانه وتعالى عن العهودإ! وهو خطا صرف، فإما ا ن
يكون في الكلام سقط، وإما يكون الصواب ما اثبته أو نحوه، والله أعلم.
53