كتاب تنشئة الطفل وسبل الوالدين في معاملته ومواجهة مشكلاته
مقدمة
...
داخل أبناء المجتمع معنى الانتماء ومفهوم الولاء، أي ينتمى كل فرد لمجتمعه، ويستشعر الولاء له.
إن أداء الواجب ينبع من انتماء الفرد لجماعة صغيرة، ثم انتمائه لجماعة أكبر فأكبر حتى يشمل الوطن كله. بهذا تتقدم الشعوب والدول والأمم. والتنشئة هي المسئولة عن تعليم الطفل وتدريبه على أداء الواجبات، والانتماء شديد الصلة بالولاء، وكلاهما مشبع بالحب، وما أجمل أن يحب الطفل أسرته ومدرسته ومدينته ووطنه ... والبشريةكلها.
ويتم إدماج الأطفال في المجتمع وفق عملية التنشئة الاجتماعية، التي إطارها الأول الوالدان داخل الأسرة، ويأتي بعد ذلك دور العديد من وكالات التنشئة التي تساهم أيضا مع الأسرة في إكساب الأطفال نسق المعايير الأخلاقية التي تنظم العلاقات بين الفرد وأفراد المجتمع، وبذلك يصبح لدى الطفل أدوات فعالة أولية تساعد على الاندماج في الجماعات المتعددة عبر مراحل نموه.
والطفل العربي يقاسم كل أطفال العالم صعوبة التلاؤم أثناء نموه مع عالم اليوم السريع المتطور، إلا أن طابع إعداده يجب أن يجعله أهلا لفهم مدلول القيم التي أورثتها إياه الأجيال السابقة، وصيانه ودعم التقاليد، بحيث يصبح بإمكانه في الغد أن يواصل تبليغ ما ورث إلى الأجيال التالية. ورغم كل ذلك تبقى هذه الأجيال مستعدة للعيش وسط سلاسل من التغيرات الاجتماعية والثقافية.
إن اقتناع جيل ما بأنه مسئول عن الجيل الذي يليه، يعني أن جيلا يزرع أشجارا ستكبر بعد سنوات وتؤتي أكلها بعد حين ليستفيد بها جيل لاحق، وهذا الجيل اللاحق لن يكتفي بجني الثمرات ولكن عليه أن يزرع أشجارا. ومن هنا يكون الجيل المربي حقيقيا هو الذي يبني مستقبل مجتمعة، ويكمل مسيرة جيل سابق له، وفي هذا أخذ وعطاء، والتنشئة تؤكد على الاثنين.
وقديما قال الفيلسوف الإغريقي المعروف "أفلاطون" ما معناه: "هل نسمح للأطفال دون عناية لأن يستمعوا لأي شخص ولأي قصة؟ إنهم سيتلقون أخبارا وأحاديث لها معان هي أبعد ما تكون عما نريد لأطفالنا أن ينشئوا عليه، وكالسموم الخطرة على الجسم، فكذلك هذه المعاني خطرة على عقول الأطفال ... وهذا ضد ما نود أن ينشأ عليه الأطفال وهم في طريقهم إلى أن يصبحوا كبارا".
الصفحة 6
363