كتاب الرد على الجهمية والزنادقة

أبو عبد الله: وكان إذا كلمني ابن أبي دؤاد لم أجبه ولم ألتفت إلى كلامه، فإذا كلمني أبو إسحاق، ألنت له القول والكلام.
قال: فقال لي أبو إسحاق: لئن أجبتني لآتينك في حشمي وموالي، ولأطأن بساطك: ولأنوهن1 باسمك، يا أحمد! اتق الله في نفسك، يا أحمد! الله الله.
قال أبو عبد الله: وكان لايعلم ولايعرف، ويظن أن القول قولهم، فيقول: يا أحمد إني عليك شفيق.
فقلت: يا أمير المؤمنين! هذا القرآن وأحاديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأخباره، فما وضح من حجة صرت إليها.
قال: فيتكلم هذا وهذا.
قال: فقال ابن أبي دؤاد انقطع وانقطع أصحابه: والذي لا إله إلا هو؛ لئن أجابك لهو أحب إلي من مائة وألف ومائة ألف عددًا مرارًا كثيرة.
قال أبو عبد الله: وكان فيما احتججت عليهم يومئذ، قلت لهم: قال الله عز وجل: {أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ} [الأعراف: 54] ، وذلك أنهم قالوا لي: أليس كل ما دون الله مخلوق؟ فقلت لهم: فرق بين الخلق والأمر، فما دون الله مخلوقًا، أما القرآن، فكلامه ليس بمخلوق.
فقالوا: قال الله عز وجل: {إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ
__________
1 في الإبانة "253/2": ولا نوهن. وما ذكرته هو الصواب.

الصفحة 39