كتاب الرد على الجهمية والزنادقة

فهذا كتاب الله يا أمير المؤمنين، فيجوز أن يقول لموسى: أنا ربك مخلوق، وموسى كان يعبد مخلوقًا، ومضى إلى فرعون برسالة مخلوق يا أمير المؤمنين؟ قال: فأمسكوا، وأداروا بينهم كلامًا لم أفهمه.
قال أبو عبد الله: والقوم يدفعون هذا وينكرونه، ما رأيت أحدًا طلب الكلام واشتهاه إلا أخرجه إلى أمر عظيم، لقد تكلموا بكلام، واحتجوا بشيء ما يقوى قلبي ولا ينطق لساني أن أحكيه، والقوم يرجعون إلى التعطيل في أقاويلهم، وينكرون الرؤية والآثار كلها، ما ظننت أنه هكذا حتى سمعت مقالاتهم.
قال أبو عبد الله: قيل لي يومئذ: كان الله ولا قرآن: فقلت له: كان الله ولا علم؟ فأمسك، ولو زعم غير ذلك أن الله كان ولا علم؛ لكفر بالله.
قال أبو عبد الله: وقلت له -يعني: لابن الحجام-: يا ويلك، لا يعلم حتى يكون فعلمه وعلمك واحد، كفرت بالله عالم السر وأخفى، عالم الغيب والشهادة، علام الغيوب، ويلك، يكون علمه مثل علمك، تعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور.
قال أبو عبد الله: فهذه أليست مقالته؟
قال أبو عبد الله: وهذا هو الكفر بالله، ما ظننت أن القوم هكذا.
لقد جعل برغوث يقول يومئذ: الجسم كذا وكلام لا أفهمه؛ فقلت: لا أعرف ولا أدري ما هذا، إلا أنني أعلم أنه أحد صمد، لا شبه له ولا عدل، وهو كما وصف نفسه؛ فيسكت عني.

الصفحة 41