مناظرة الجهم للسمنية
مدخل
...
بشرًا كثيرًا. فكان مما بلغنا من أمر الجهم عدو الله، أنه كان من أهل خرسان. من أهل ترمذ، وكان صاحب خصومات وكلام1، وكان أكثر كلامه في الله تعالى، فلقي أناسًا من المشركين يقال لهم: السمنية2 فعرفوا الجهم فقالوا له: نكلمك، فإن ظهرت حجتنا عليك دخلت في ديننا، وإن ظهرت حجتك علينا دخلنا في دينك3، فكان مما كلموا به الجهم أن قالوا له:
"ألست تزعم أن لك إلَهًا؟
__________
1 عن عمر بن عبد العزيز -رحمه الله- قال: من جعل دينه غرضًا للخصومات أكثر التنقل.
أخرجه الدارمي "رقم: 310" واللالكائي "رقم: 216" وابن بطة "رقم: 544-548".
وعن معاوية بن قرة قال: الخصومات في الدين تحبط الأعمال.
أخرجه اللالكائي "رقم: 221" وابن بطة "رقم: 541".
2 السمنية، قال ابن تيمية: هم الذين يحكي أهل المقالات عنهم أنهم أنكروا من العلم ما سوى الحسيات، ولهذا سألوا جهمًا: هل عرفه بشيء من الحواس الخمس؟ فقال: لا. قالوا: فما يدريك أنه إله؟ فإنهم لا يعرفون إلا المحسوس، وليس مرادهم أن الرجل لا يعلم إلا ما أحسه، بل لا يثبتون إلا ما هو محسوس للناس في الدنيا.
انظر: تعارض العقل والنقل "410/2، 411".
3 عن معن بن عيسى قال: انصرف مالك بن أنس يومًا من المسجد، وهو متكئ على يدي، فلحقه رجل يقال له أبو الجيرية كان يتهم بالإرجاء، فقال: يا أبا عبد الله اسمع مني شيئًا أكلمك به، وأحاجك وأخبرك برأيي. قال: فإن غلبتني؟ قال: إن غلبتك اتبعتني. قال: فإن جاء رجل آخر فكلمنا فغلبنا؟ قال: نتبعه قال مالك رحمه الله: يا عبد الله بعث الله محمدًا -صلى الله عليه وسلم- بدين واحد، وأراك تنتقل من دين إلى دين. قال عمر بن عبد العزيز: من جعل دينه غرضًا للخصومات أكثر التنقل.
أخرجه ابن بطة "رقم: 562".