كتاب القراءة خلف الإمام للبخاري

عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ وَقِيلَ لَهُ: احْتِجَاجُكَ بِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {إِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا} [الأعراف: 204] أَرَأَيْتَ إِذَا لَمْ يَجْهَرِ الْإِمَامُ يَقْرَأُ مَنْ خَلْفَهُ؟ فَإِنْ قَالَ: لَا أَبْطَلَ دَعْوَاهُ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ {فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا} [الأعراف: 204] وَإِنَّمَا يَسْتَمِعُ لِمَا يُجْهَرُ مَعَ إِنَّا نَسْتَعْمِلُ قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى {فَاسْتَمِعُوا لَهُ} [الأعراف: 204] نَقُولُ: يَقْرَأُ خَلْفَ الْإِمَامِ عِنْدَ السَّكَتَاتِ قَالَ سَمُرَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: كَانَ لِلنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " سَكْتَتَانِ: سَكْتَةٌ حِينَ يُكَبِّرُ، وَسَكْتَةٌ حِينَ يَفْرُغُ مِنْ قِرَاءَتِهِ " وَقَالَ ابْنُ خُثَيْمٍ: قُلْتُ لِسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: " أَقْرَأُ خَلْفَ الْإِمَامِ قَالَ: نَعَمْ، وَإِنْ كُنْتَ تَسْمَعُ قِرَاءَتَهُ، فَإِنَّهُمْ قَدْ أَحْدَثُوا مَا لَمْ يَكُونُوا يَصْنَعُونَهُ إِنَّ السَّلَفَ كَانَ إِذَا أَمَّ أَحَدُهُمْ كَبَّرَ ثُمَّ أَنْصَتَ حَتَّى يَظُنَّ أَنَّ مَنَ خَلْفَهُ قَرَأَ بفَاتِحَةَ الْكِتَابَ ثُمَّ قَرَأَ وَأَنْصَتُوا " وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «إِذَا أَرَادَ أَنْ يَقْرَأَ سَكَتَ سَكْتَةً» وَكَانَ أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَمَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ، وَغَيْرُهُمْ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ يَرَوْنَ الْقِرَاءَةَ عِنْدَ سُكُوتِ الْإِمَامِ إِلَى نُونِ نَعْبُدُ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا صَلَاةَ إِلَّا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ» ، فَتَكُونُ قِرَاءَتُهُ فَإِذَا قَرَأَ الْإِمَامُ أَنْصَتْ حَتَّى يَكُونَ مُتَّبَعًا لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} [النساء: 80]

الصفحة 11