كتاب زهرة التفاسير (اسم الجزء: 1)
العالمين، وأكده بتعريف الطرفين، وهما اسم الإشارة، وكلمة: " المفلحون "، وتعريف الطرفين يدل على القصر، أي أنهم هم المفلحون وحدهم دون غيرهم، فهم قد خلصت قلوبهم وعقولهم وكل مداركهم للحق جل جلاله، وفاضوا بخيرهم، وتحملوا المشاف في سبيلهم، وآمنوا بكل الرسالات، ولم يطمعوا بغير أن يعذوا أنفسهم لحكم ربهم.
وأكد سبحانه وتعالى الحكم بأنهم المفلحون دون غيرهم بضمير الفصل وهو (هُمُ) فإن في ذكره فضل التأكيد بأنهم المفلحون وحدهم، وأنه لَا ينال منالهم إلا من سلك مثل سبيلهم، واختار مثل طريقهم. . اللهم اجعلنا ممن يقتدي برسلك وبهم، فإنهم هم الفائزون.
والمفلح - من الفَلْح بمعنى الشق والقطع، ويطلق المفلح على الفائز، فكأنه قد شق الطريق، ونالته المتاعب حتى نال مطلوبه، وفاز بمرغوبه، فما وصل إليه إلا بجهد جاهد، وعمل ولُغوب حتى نال ما نال، وذلك هو الفلاح، فلا فلاح إلا إذا كان ثمرة لجد وجهاد، وطلب، وسير في الطريق إلى غايته، فالفوز الرخيص بأمر لا يعد فلاحا، وإن الإنسان يعلو على ملائكة الله تعالى بجده ومغالبته للأهواء الإنسانية، حتى ينتصر عليها، ويصل إلى الملكوت الأعلى؛ لأنه وصل بمغالَبة وجهاد، والملائكة لَا مغالبة فيهم؛ لأن الله خلقهم لايعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون.
* * *
إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (6) خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (7)
الصفحة 114
5482