كتاب زهرة التفاسير (اسم الجزء: 1)

وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ (8) يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ (9) فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ (10)
* * *
بعد أن بين سبحانه وتعالى حال المتقين ثم حال الكافرين ومآلهم، بين الله سبحانه وتعالى حال الحائرين بين الحق والباطل، وبين العداوة وإظهار المودة، وهم المنافقون. وقد ذكرهم سبحانه وتعالت كلماته في ثلاث عشرة آية، لتنوع أعمالهم، وتغير أحوالهم، بسبب حيرتهم، ونفاقهم، وأوهامهم المضلة.
ابتدأ سبحانه وتعالى بيان حالهم. يقول تعالى عنهم:
(وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ) نقل سبحانه وتعالى قولهم بقوله: (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقول آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ).
الناس أصلها الأناس، ويعبر بالناس في هذا بأنهم ليس لهم من الصفات إلا الوصف الآدمي الأصلي وهو أنهم ناس من الناس، فلا يقال متقون، ولا يقال مؤمنون، ويقال كافرون فقط؛ لأن لهم لونا اختصوا به، وهو أنهم كافرون، أما هؤلاء المنافقون، فإنهم حائرون، فلا يعبر عنهم إلا بأنهم ناس، لَا دين لهم ولا خُلق، وليس معنى ذلك أنهم خيرٌ حالا من الكافرين، بل هم أشد كفرا، وأبعد إيغالا في الشر، وأكثر فسادا، وإذا كان في الكافر وضوح، فهو يعلنه، فأولئك كافرون يُبهمون ويجبنون، ولا يصارحون.
ولم يذكرهم الله تعالى في الذين لَا يجدي فيهم إنذار نذير، وأن الله تعالى ختم على قلوبهم وعلى سمعهم، وعلى أبصارهم غشاوة، لم يذكرهم الله في

الصفحة 121