كتاب زهرة التفاسير (اسم الجزء: 3)

(حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاتُكُمْ وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ)
* * *
هذا النص الكريم لبيان تحريم أربع طوائف من القرابة، فمعنى حرمت عليكم أمهاتكم، أي حرم عليكم نكاح أمهاتكم.
والطوائف الأربع أولاهن: الأمهات والجدات، لأن الأمهات يراد بهن الأصول، إذ الأم تطلق على الأصل، كما قال تعالى: (. . . وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ)، ويصح أن يراد من الأمهات الصُّلبيات، ولكن يثبت تحريم الجدات بطريق الأولى، لأنه إذا كانت العمة والخالة حراما، فأولى أن تكون الجدة حراما، لأن الأمّ هي طريق الوصول في القرابة إلى هؤلاء، وقد أجمع المسلمون على تحريم الجدات.
والطائفة الثانية: الفروع من النساء، وذلك ثبت بقوله تعالى: (وَبَنَاتُكُمْ) بالعطف على (أُمَّهَاتُكُمْ)، وقد ثبت تحريم البنات بالنص، وبقية الفروع من النساء ثبت تحريمهن بالأولى، لأن النص يحرم بنت الأخ وبنت الأخت، وإذا كانت بنت الأخ والأخت، حراما، فأولى بالتحريم بنت البنت وبنت الابن، لأن البنت أقرب من الأخت.
والابن أقرب من الأخ، فأولادهما أولى بالتحريم، وقد انعقد الإجماع على تحريم الفروع من النساء مهما تكن طبقتهنّ.
والطائفة الثالثة: فروع الأبوين، وهن الأخوات، وبنات الإخوة والأخوات، وثبت تحريمهن بقوله تعالى: (وَأَخَوَاتكُمْ) ثم قوله تعالى: (وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ)، وذلك يشمل الأخوات شقيقات أو لأب أو لأم، كما يشمل فروع الإخوة والأخوات جميعا؛ لأن كلمة (بنات الإخوة والأخوات) تشمل كل الفروع على سبيل المجاز، ولأن التحريم يثبت بالأولى، لأن عمة الجد حرام بالنص فأولى بالتحريم بنت ابن الأخ، وبنت بنت الأخ أو الأخت؛ لأنهن أقرب، وقد انعقد الإجماع على تحريمهن.

الصفحة 1629