كتاب زهرة التفاسير (اسم الجزء: 3)

عفو الله تعالى، ولذا قال سبحانه: (إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ) والاستثناء هنا منقطع، و (إلا) بمعنى (لكن) والمعنى: لكن ما قد سلف منكم في جاهليتكم قبل ذلك التحريم موضع عفو الله تعالى، وذلك لأن الله تعالى غفور رحيم، فقوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفورًا رَّحِيمًا) في موضع التعليل لعفو الله في هذا الاستثناء المنقطع، والمعنى أن الله يعفو، لأنه سبحانه وتعالى كان وما زال غفارًا للذنوب رحيما بعباده، ومن رحمته بعباده ألا يعذبهم من غير نذير، وألا يؤاخذهم على ما اكتسبوا إلا بعد بيان واضح، وإن كان العقل يدرك حسن الأشياء وقبحها، والله سبحانه وتعالى بكل شيء عليم.
* * *
(وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (24)
* * *
قوله تعالى (وَالْمُحْصَنَاتُ) بالضم معطوف على أمهاتكم في آية التحريم السابقة التي صدرت بقوله تعالى: (حرِّمَتْ عَلَيْكمْ أُمَّهَاتُكُمْ)، فهذه الآيات تتمّة لبيان المحرمات. ثم بعد ذلك بيَنت المحللات من النساء بعبارة جامعة، ثم بعبارة مفصلة لحل الإماء. وأحْصَنْ متلاقية في المعنى مع كلمة الحصن، وهو المكان المحكم الذي يُتقى به أذى العدو، فمعنى أحْصَنَ المرأة جعلها في حصن الفضيلة، وقد جاء في مفردات الأصفهاني: (يقال حصان للعفيفة، ولذات حرمة، وقال

الصفحة 1636