كتاب زهرة التفاسير (اسم الجزء: 5)

بينهم، فالنصارى أولياء ونصراء لإخوانهم النصارى، واليهود أولياء ونصراء لليهود، فكل طائفة تنحاز ولايتها إلى أهل دينها، فالنصارى منحازون في الولاية إلى النصارى واليهود منحازون إلى اليهود.
ويصح أن نفسر النص بأنهم يوالي بعضهم بعضا أي اليهود يوالون النصارى ضد المسلمين، فكلتا الطائفتين تتولى الأخرى.
ويظهر لي أن الآية تدل على المعنيين، فالنصارى يوالي بعضهم بعضا واليهود كذلك، وهما دائما إلبٌ على المسلمين كما نرى في عصرنا الحاضر، فالعالم المسيحي كله يؤيد اليهود في اغتصابهم أرض الإسلام ووضعها تحت أيدي اليهود ومع أنهم يدعون عدم التعصب، يتعصبون ضد المسلمين ويؤيدون قيام دولة على أساس الدين.
(وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنً اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) إن من يجعل نصرته منهم ويخضع بالولاية لهم فهو منهم. روي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنه أن النص يفيد التشبيه أي أنه مثيلهم في معاداة الإسلام وأهله.
ولكن كثيرين من المفسرين يعتبرونهم منهم حقيقة، ولا تشبيه في القول ولا تمثيل، فيقولون: إن من اتخذ منهم نصراء وحلفاء وأولياء دون أهل الإسلام، فإنه منهم في التحزب على الله تعالى، وعلى رسوله والمؤمنين وأن الله تعالى ورسوله منهم بريئان، ويقول في تقرير هذا المعنى ابن جرير: " ومن يتول اليهود والنصارى دون المؤمنين فإنه منهم، فإن من تولاهم ونصرهم على المؤمنين، فهو من أهل دينهم وملتهم، فإنه لَا يتولى متول أحدا إلا وهو به وبدينه، وما هو عليه راض، وإذا رضيه ورضي دينه فقد عادى ما خالفه وسخطه، وصار حكمه حكمه ".
وإن ذلك التولي بلا ريب ظلم للنفس. وظلم للمسلمين، ومن أركست نفسه في هذه الضلالة حتى صار لَا يطيق تركها، فقد استضعف نفسه، وظلمها، ثم ظلم المؤمنين، وبعد عن هداية أهل الإيمان، وارتضى حكم الطاغوت ولذلك

الصفحة 2242