كتاب زهرة التفاسير (اسم الجزء: 6)

ويضعف الإرادة، بخداع النفس، وإرهاق الإرادة والطغيان على حكم العقل وإضعاف سلطانه.
وهي هنا من هذا القبيل، فالله تعالى ينهانا عن أن ننخدع بالشيطان، وله ماض في إيذائنا وخدع أبوينا: آدم وزوجه حواء، اللذين كان منهما التناسل الإنساني الدائم، إلى أن يرث الله تعالى الأرض ومن عليها.
وقد عزز الله تعالى النهي عن الانخداع بإبليس، بماضيه، إذ خدع آدم وحواء، فأتى نفوسهما من جهة ما هو في فطرة الإنسان، من حب العلو والخلود، فقال لهما مُقْسِما لهما: (مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ) ومن هذا الباب دخل إلى أنفسهما وأتباعه من بعده، يسلكون هذا الطريق ذاته فهم يأتون النفوس من قبل ما تحب وتشتهي، فالأهواء والشهوات الباب الذي يدخل منه الشيطان إلى النفوس، والسلطان والطغيان بابان مفتوحان من أبواب الشيطان.
وقد كان لوسوسة إبليس لأبوي الخليقة، أثران: ذكرهما الحق - سبحانه - في كريم آياته الأولى:
أولهما: إخراجهما من الجنة. فقال فيها: (كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ) وهو - كما أخرجهما من جنة الله تعالى - يخرجكم يا بني آدم، من جنة الطاعة وعزتها، إلى ذلة المعصية وغوايتها.
ثانيتهما: أنه ترتب على ذلك أن بدت لهما سوءاتهما، وصارا تحصنان عليها من ورق الجنة، كما قال تعالى: (يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْءَاتِهِمَا).
كذلك الشيطان ينزع عن المؤمن كل ما استكن في قلبه من خير، ويكشف عورات الناس، وسوءات المجتمع الإنساني.

الصفحة 2808