كتاب زهرة التفاسير (اسم الجزء: 1)
الإسرائيليات وما دسَّه النصارى إليهم كما أشرنا من قبل، وعلى هذا يسنُّ ابن تيمية أمثل المناهج في اعتتماده.
فأعلى المراتب تفسير القرآن بالقرآن، والقرآن كتاب متكامل، ما يجمله في موضع يفسره في آخر، وهكذا. وتلي هذه المرتبة تفسير النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقد بينا ذلك بما يناسب المقام.
والمرتبة الثالثة تفسير القرآن بأقوال الصحابة، وهم الذين تلقوا تفسيرهم عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولقد روي عن عبد الله بن مسعود أنه قال: والله الذي لَا إله غيره ما نزلت آية من كتاب الله إلا وأنا أعلم فيمن نزلت، وأين نزلت، ولو أعلم مكان أحد أعلم بكتاب الله مني تناولته المطايا إلا أتيته.
المرتبة الرابعة مرتبة التابعين الذين تلقوا علم الصحابة كمجاهد وقتادة، وقد يختلفون، فيرى ابن تيمية أنه إذا اختلف التابعون اختار من أقوالهم، ولا يخرج عنها. فإن التابعين قد دخلت في عهدهم الإسرائيليات، ومعابث النصارى، فيجب الأخذ عنهم باحتراس ويقظة، وإذا اختلفوا نأخذ من أقوالهم ما ليس فيه دَسٌّ على الإسلام لنصون كتاب الله تعالى عن تطاول المفسدين، كما ذكرنا في قصة زينب بنت جحش - رضي الله عنه - المدسوسة على المفسرين.
وإنه يجب التنبيه إلى أن الواجب العلمي إبعاد الإسرائيليات عن تفسير القرآن، وتنقية كتبط التفسير منها، وإذا قيل إن منها ما يوافق النصوص القرآنية، ولا يخالفها، نقول إن في القرآن غنى عنها، والأكثر فيه تهويش على معاني القرآن، وإثارة للأوهام الكاذبة.
* * *
(تفسير القرآن بالرأي)
ابن تيمية وبعض علماء السلف يقصرون التفسير على ما يكون بالرواية عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ويمنعون التفسير بالرأي، ويستدلون على ذلك بما يأتي:
الصفحة 30
5482