كتاب زهرة التفاسير (اسم الجزء: 7)

وإن المنافقين قد ينفقون في حالين: إحداهما أن يستروا نفاقهم، كما كان المعتذرون المتخلفون عن الجهاد يعتذرون عن الخروج، ويقولون هذه أموالنا خذوا منها ما شئتم.
والحال الرابعة - أن ينفقوا في الشر لتأييد الفاسدين، وقد نسوا رقابة الله، فنسيهم أي فتركهم يرتعون ويعبثون حتى يوم الحساب. ولقد قال تعالى حاكما عليهم: (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقونَ) الفسق هو الخروج والتمرد على الحقائق، وهو هنا أشد من الكفر، فهم كافرون بنفاقهم إذ يسترون الكفر، ويظهرون الإسلام، وبهذه المساوئ التي أشار إليها الكتاب العزيز، فيتمردون على الله، ويعاندونه، ويحادونه إذ يحادون الحق.
وقد قال الزمخشري: إن فسقهم هو الفسق الكامل، ونقول إن الله تعالى أكد فسفهم، بالجملة الاسمية، وبـ (إِنَّ)، وقصرهم على الفسق بتعريف الطرفين، وبضمير الفصل (هم)، أي أنهم مقصورون على الفسق لَا يخرجون من دائرته فهو محيط بهم، إحاطة الدائرة بقطرها.
وقد ذكر الله تعالى عذابهم، فقال تعالى في كتابه العزيز:
(وَعَدَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْكُفَّارَ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا هِيَ حَسْبُهُمْ وَلَعَنَهُمُ اللَّهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ (68)
هذا وعيد الله تعالى للمنافقين والمنافقات، ويلاحظ هنا أنه أظهر في موضع الإضمار، فذكرهم بأوصافهم للدلالة على أن النفاق هو السبب في هذا العقاب الشديد، ونص على النساء المنافقات؛ لأنهن يكوِّنَّ الأسرة التي يُعشش فيها، ويشتركن في إيجاد البيئة المنافقة التي يسودها الفساد ويحكمها الشر، وقد ذكر الكفار بعد المنافقين، وهم والمنافقون داخلون في الكفر؛ لأنهم كفار يزيدون النفاق، ولذا قدموا لأنهم أوغلوا في الكفر، والكافر الضال مظنة التوبة كما تاب الطلقاء وأبناء الطلقاء، وأما المنافق فإنه ملتوي النفس ملتوي الفكر، وقد يكون

الصفحة 3364